المدرسة الكلاسيكية ورواد الفكر الاقتصادي

المدرسة الكلاسيكية الإنجليزية للاقتصاد هي فرعٌ من فروعِ مدرسة الحرية. برزت في أواخر القرن الثامن عشر مع آدم سميث. عاشت حوالي مائة عام، وبلغت نضجها الفكري الكامل في أعمال دافيد ريكاردو، وجون ستيوارت ميل.

هيمنت نظريات المدرسة الكلاسيكية على الفكر الاقتصادي في بريطانيا العظمى إلى حدود عام 1870. وركَّزت على سياسة النمو الاقتصادي وأهمية أن تكون الأسواق حرة من سيادة المنافسة الكاملة والبعد عن أيِّ تدخل حكومي في الاقتصاد.

“دعه يمر دعه يعمل” مقولة شهيرة لمؤسس المدرسة الكلاسيكية والتي تنادي بالحرية الاقتصادية.

سميت بالكلاسيكية للتغييرات والإضافات الطارئة عليها منذ ستينيات القرن العشرين. وذلك لتمييزها عن الليبرالية الاجتماعية. ويعدُّ آدم سميث، وديفيد هيوم، ودافيد ريكاردو وفولتير وغيرهم أحد أبرز منظريها.

نظريات رواد المدرسة الكلاسيكية

ادم سميث( Adam Smith)

يُعرَف آدم سميث بـ “أب الاقتصاد السياسي”، حيث يُعتبر مؤسِّس المدرسة الكلاسيكية ومذهب الحرية الاقتصادية وله الفضل في ترسيخ الاقتصاد كعلمٍ، لهذا سمي بذلك، وهو من الرواد المتفائلين.
كما ناقش سميث أنَّ المنافسة والمتاجرة الحرة المستقلة بشكل كامل عن أي تدخل للدولة، ستؤدِّي إلى تعزيز وتقوية ملحوظة للنمو الاقتصادي. فعندما يبحث كل فرد في المجتمع عن تحقيق مصالحه الخاصة في نظام مقاولة حر فإن النظام بأكمله سينتفع وستحقق المنفعة العامة.

أشار في كتابه “ثروة الأمم” لأفكار المدرسة الكلاسيكية الذي صدر عام 1776م. ولكن لم ينجح في تطبيق أفكاره الاقتصادية الكلاسيكية، بسبب عدم قبول قطاع الاقتصاد والسياسة العامة السائدة في المجتمع الانجليزي لمثل هذه الأفكار، كما حاول باقناع الحكومة البريطانية بتطبيق أفكاره. وأنَّ تطبيقها يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي عن طريق الاعتماد على التجارة الحرة.

إعلان

دافيد ريكاردو (David Ricardo)

في عام 1817م سعى ريكاردو إلى تطبيق أفكار المدرسة الكلاسيكية بالاعتماد على النظريات الخاصة بآدم سميث. وأن معظم أفكار ريكاردو يتضمنها كتابه “مبادئ الاقتصاد السياسي”.

فقد أصبح معروفّا على نطاقٍ واسع بعد أن كتب مقالاته عام 1815 اثر انخفاض أسعار البيع على الأرباح. وفي عام 1918 أصدر كتابه الثاني عن الاقتصاد السياسي والضرائب. ولو نظرنا إلى الفكر الريكاردي لوجدنا أنَّ له صدى عميق في عصرنا الحالي. ولا سيما بالنسبة للمهتمين بنظرية القيمة ونظرية رأس المال.

إنَّ ريكاردو أشار أنَّ ملاك الأراضي الزراعية عادة ما يحاولون الإثراء على حساب الطبقات الأخرى من المستهلكين. كما اعتقد ريكاردو أيضا أنَّ المرتبات وأجور العمال وأيضا أرباح المنظمين والرأسماليين الصناعية لا يمكن زيادتها إلا بزيادة إنفاق باقي طبقات المجتمع. وأشار إلى أنَّ تلك الأرباح عادة ما تتجِّه إلى الانخفاض مما يؤدي إلى وصول الصناعة إلى حالة ركود والسكون النسبي. وفي هذا المصدر قال الكاتب كارليل أنَّ علم الاقتصاد أصبح علم سوء على يد كل من مالتس وريكاردو.

توماس روبورت مالتوس (Thomas Malthus)

وبالنسبة لمالتس فقد اشتهر بسبب مؤلَّفه الخاص ببحث كيفية الموأمة بين الإنتاج وعلاقته بالزيادة السكانية. حيث اتضح فيه أنَّ نمو الموارد الاقتصادية تزيد طِبقًا لمتوالية حسابية فيما يتزايد عدد السكان طبقا لمتولية هندسية. ولذا فان لم تتخذ الإجراءات التي من شأنها الحد من هذا النمو المتزايد لعدد السكان. فسيؤدِّي الأمر بوصول المجتمعات إلى الكوارث والمجاعات. كما نجد أنَّ مالتس لم يكن من مؤيِّدي تدخل الدولة حيث اعتبر أن هذا التدخُّل عديم الجدوى فإنَّ القوانين الطبيعية تعتبر من قبيل القوانين الحتمية التي لا مفر من وجودها كما. إنَّ الحل الوحيد بالنسبة لمشكلة تزايد السكان إنما يكون في أيدي الأفراد أنفسهم وليس في أيدي المسؤولين.

مبادئ وأسس المدرسة الكلاسيكية

سوف نتطرَّق في الحديث إلى أهم المبادئ التي ركزت عليها المدرسة الكلاسيكية:

-1قانون ساي

نسبة إلى جان باتيست ساي الذي ولد في ليون في 5يناير 1767. ويعتبر من أبرز أنصار المذهب الكلاسيكي ومن الذين تميزت أفكارهم بالتحديد والتحليل العميق للظواهر الاقتصادية. وكان متفائلاً في آراءه على عكس مالتوس وريكاردو، وجون ستيوارت ميل .
من مؤلفاته المشهورة: “دروس في الاقتصاد السياسي” عام 1803م. الذي يعد من المراجع الرئيسة في علم الاقتصاد وكتابه “تعليم الاقتصاد السياسي” و”الدروس الكاملة في الاقتصاد السياسي التطبيقي.

لخَّص ساي قانونه في عبارة “العرض يخلق الطلب الخاص”. تُبين هذه العبارة العامية رؤية الكلاسيك أن الناس يعرضون خدماتهم من أجل الحصول على أكبر دخل ممكن الذي يسمح لهم بإقتناء أكبر كمية ممكنة من السلع والخدمات وعليه يندرج سلوك الأفتراض ضمن فكرتين:
* يبحثون دائما عن تعظيم المنفعة.
* المنفعة المباشرة للنقد معدومة.

وقد كتب ساي يقول:

على أية حال فإنه بقدر ما يكون المنتجون متعدِّدين والمنتجات كثيرة تكون المنافذ (إمكانية التصريف) سهلة ومتنوعة وواسعة. ذلك أنَّ القوة الشرائية التي يتم إيجادها بواسطة المنتج الجديد تُستخدَم في نهاية المطاف لشراء المنتج ذاته. لأنَّ الموارد التي يتم توزيعها لإنتاج هذا المنتج (قيمة المواد + أجور العمال + أرباح رأس المال) تكون مساوية لقيمة هذا المنتج، ومن ثم فإنَّ سعة المنافذ أو الأسواق تُقاس بتكاليف الإنتاج.

وتفسير ذلك أنَّ المنتجات تتبادل مع المنتجات، وهو ما يعني أن المنتجات هي التي تشتري المنتجات. والأفراد يشترون ما يرغبون فيه بما ينتجون، وعلى ذلك كلما زاد إنتاجهم تمكَّنوا من شراءِ منتجاتٍ أكثر.

ويجب أن نلاحظ أنَّ تحقيق قانون ساي لا يعني أنَّ كل الأسواق متوازنة. فقد يوجد هناك نقص في الطلب على سلعة أو خدمة، كما قد يوجد نقص في عرض سلعة أو خدمة، إلا أنَّه لا يمكن أن يوجد عجز في الطلب على المستوى الكلي أي لا يمكن أن توجد أزمة في الإنتاج على المستوى الكلي.

-2 سياسة الحرية الاقتصادية.

يؤمن الاقتصاديون الكلاسيكيين بضرورة الحرية الفردية. وأهمية أن تكون الأسواق حرة من سيادة المنافسة الكاملة والبعد عن أي تدخل حكومي في الاقتصاد.

تُعارض إلى اليوم النظرية الكلاسيكية النظرية الكنزية (نسبة للاقتصادي الانجليزي “جون مينارد كينز“). باعتبارها أنها تؤمن بضرورة تدخل الدولة في السوق في حالة الازمات، وعدم مقدرة السوق على إستعادة التوازن بنفسه عند حدوث أيّ خلل.

وعلى الرغم من كم الانتقادات الموجهة لهذه المدرسة. إلا أنَّ أحدًا لا يستطيع أن ينكر قيمة الأفكار والنظريات التي قدمتها في مجال الاقتصاد، والتي أسست فيما بعد لإنتاج فكري غزير سواء جاء ليتمم ويضيف على ما جاء به الاقتصاديون الكلاسيك، أو كان هدفه بيان مواطن الخلل فيه، أو حتى جاء ليناقضه ويأتي بعكسه.

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: أريج خضر

اترك تعليقا