أن تكون مختلفًا

أن تكون مختلفًا في مجتمع لا يشجّع الاختلاف تلك هي الطامّة الكبرى! أن تكون مختلفًا فيما تحبّ وتعمل وتعيش، فيما تكون وفيما ستصبح، أن تشعر أنّ هذا ليس أوانك أو مكانك، أن ترى أنّك لم تخلق لتكون نسخة مكررة أو شبيهة لأحد، أن تدرك أنك لست مثل أحد دون أن يكون لذلك علاقة بجنون العظمة أو عقدك النفسية، فلا تجد من يشبهك ولا تعرف أن تعيش كما أنت لمجرّد أنّك غرّدت خارج السّرب.

أن تكون مختلفًا في مجتمع يحارب الاختلاف ويضغط على قاطنيه للسير في طريق واحد لا ثانٍ له هو أمر خطير على الفرد وعلى المجتمع، على حدّ سواء. فللاختلاف أوجه كثيرة وأحيانًا معقدة، فإيمانك الداخلي بأنك مختلف قد يولّد لدى الفرد أحد الشعورين إما الشعور بالنبذ أو الفوقية. وقد تتبدّى خطورة رفض الاختلاف على الفرد في عدة أشكال منها محاولات انسلاخه من المجتمع الكبير أو محاولاته الحثيثة لإثبات اختلافه وحثّ الآخرين على احترامه والتي قد تبوء بفشل قد يقوده إلى التخلي عن حياته وانتمائه، أو سلوك الطريق الأقصر في الابتعاد نهائيًا عن المجتمع الذي نبذه، أو الوصول للتطرف في إثبات اختلافه مما يولّد عنده شعورًا بالعدوانية والهجوم على كل ما يخص المجتمع الكبير.

أما بالنسبة لمخاطر تبني المجتمع لسياسة اللون الواحد فهي أيضًا عديدة، فقد يفقد المجتمع العديد من المزايا التي يجلبها له الاختلاف كتعدّد الرؤى وتعدّد الاشكال الذي يساهم إيجابيًا في رفعته وأيضًا قد يساهم في وجود أشخاص سلبيين قد تمّ قهرهم فتعاهدوا على الصمت الكبير فيما يخصّ المجتمع! وأيضًا قد يصل الحال إلى تيارات من الرفض قد كان من الممكن أن يتفاداها المجتمع، وما إلى ذلك من تبعات رفض الاختلاف بالمجتمع.

ولا تصدًق عزيزي أنه كلما رفض المجتمع اختلافات أفراده، كلما زاد تشبّث ذلك المجتمع بهويته.. فهي كذبة قد يضحكون بها على الصغار منا. فكلما اعترف مجتمعنا باختلافاتنا واستفاد منها كلما ساهمت تلك الاختلافات في ترسيخ هويته الحقيقية بالإضافة إلى ترسيخ مبادئ هامة وسط أفراد هذا المجتمع كمبادئ الوحدة والمواطنة والانتماء.

فاليوم، أريد أن أقول لمجتمعي الذي أحبّ ولأفراده الذين يشكلون جزءًا من هويتي وفخري، دعونا نختلف دون الشعور بالاغتراب، دعونا نعترف بحقّ الفرد في أن يكون نفسه ودعونا نشجع بعضنا البعض على ذلك، دعونا نحبّ وطننا ونساهم في تقدّمه بالطرق التي نراها ذات جدوى، دعونا ننسلخ من ثقافة القطيع ونتّجه لثقافة قبول التعدّد، دعونا رغم اختلافاتنا ننصهر في بوتقة حب الوطن دون نبذ. دعونا نعيش دون خلاف فلكلّ منا فكره، دعونا ننتقد الأفكار نقدًا غير هدّام لنرتقي بمجتمعنا، دعونا نتعلم أن نعيش معًا بسلام.

إعلان

اترك تعليقا