مترجم: أضواء في السماء؟ كلا.. ليست كائنات فضائية!

لعدّة قرون، كان النّاس يدّعون رؤية أضواء غريبة في السّماء. وظلّ يُنظر إلى هذه القصص على أنّها خرافات إلى أن ثبتت رؤية تلك الأضواء بالدّليل الفوتوغرفايّ (بالتصوير)، وذلك في منتصف القرن العشرين، ما فرض على العلماء الاعتراف بحقيقيّة هذه الأضواء، ودعاهم لركوب موجة من النظريّات التفسيريّة التي لم تهدأ حتى عام 2014، حين توصّل فريق بحثٍ إلى استنتاج مُرضٍ.

السُذّج والمشكّكين:

في السّابع من سبتمبر عام 2017، ضرب زلزال بقوّة 8.1 رختر ساحل المكسيك الجنوبي، ليكون بذلك الزلزال الأقوى خلال القرن. ولكن، وسط مشاعر الأسى على قصص ضحايا الزلزال والدّمار الذي نتج عنه، طافت أخبار من نوع آخر؛ فقد نشرت جريدة the Mirror عن “تسجيل المكسيكيّين لأضواء غريبة لمعَت في السّماء خلال حدوث الزلزال، ويعتقد كثيرون أنّ هذه الأضواء هي عبارة عن أطباق طائرة أو أبوكاليبس [عند العرب تعرف بـ كشف الحجاب]،” أما جريدة the Sun فأعلنت أنّ “الأضواء الخضراء والزرقاء التي سطعت في سماء المكسيك أثناء حدوث الزلزال كانت قد دعت “صيّادي الأطباق الطائرة” إلى الجنون.” وأظهرت الفيديوهات المسجّلة أضواءً غريبة تنير سماء المكسيك الغائمة! ماذا تكون هذه الأضواء يا ترى؟!

(إليك بعض التّسجيلات لتلك الأضواء والتي تداولها الناس في كافّة أرجاء المكسيك:  من هنا)

لمئات السّنين، تراوحت الأضواء المشاهَدة من توهّجات بيضاء إلى غيوم بألوان الطّيف السّبعة، حدثت خلال الزلازل أو بعدها. وبرغم تشكيك معظم العلماء بالأمر: إلا أنّ ورقةً بحثيّة نُشرتْ عام 1888، اعترفت بـ “ظهور الأضواء المنيرة” في السّماء في وقت قريب من حدوث الزلازل ، ولكن في نفس الوقت، أشار الباحث إلى أنّه “لا علاقة لهذه الأضواء بالزلازل.”  وخلَصَ استطلاع أجري عام 1913 إلى أنّ “ملاحظاتنا ليست علميّة ولا حتى عقلانيّة، في الوقت الحالي، لنتمكّن من تأكيد أو نفي وجود ظاهرة ضوئيّة للزلازل.”

 ولادة النظريّة

 ولكن عندما شوهدت الأضواء خلال زلزال ناجانجو في اليابان، عام 1965، ولحسن الحظّ، كان الناس يمتلكون الكاميرات! وأخيرًا، بدأ العلماء بالاعتراف بالظاهرة والبحث عن أسباب محتملة لتفسيرها. واشتبه معظمهم أنّها نوع من المجال الكهربائي يتشكّل نتيجةً لتحرّك الصّخور، إلا أنّ إثبات ذلك في المختبر لم يكن بالأمر السّهل.
عام 2014، حصل العِلم على أفضل رهان. فقد قام فريق بحثٍ يقوده روبرت ثيرياولت (Robert Thériault) بتحليل الظّروف لـ65 زلزالًا منتجًا للضّوء -افتراضًا- يعود للقرن السّابع عشر، وذلك من أجل التحقيق في القواسم المشتركة. وبحسب بحثهم، هنالك سبب يفسّر ندرة هذه الأضواء: ففي حين أنّ 95% من الأنشطة الزلزالية تحدث على الحدود بين الصّفائح التكتونيّة، إلا أنّ ما نسبته 85% من الأضواء الزلزاليّة تمّ الإبلاغ عنها خلال الهزّات الأرضيّة الناتجة عن اصطدام صفيحة تكتونيّة بما يُعرف بـ “الصّدع القارّي.” هذا النّوع من الهزّات يحدث فقط في 5% من الحالات.
 إذًا، ماذا يحدث؟ تبدأ الزلازل كضغط متزايد في عمق القشرة الأرضيّة، ولا تحدث الزلازل إلا عندما يتحرّر ذلك الضّغط. ولكن، قبل حدوث ذلك، يكسر الضّغط الرّوابط لأزواج ذرّات الأوكسجين سالبة الشّحنة. هذه الذرّات المشحونة (الأيونات) تتحرّر وتتدفّق خلال الشّقوق الصخريّة وتتجّه إلى الأعلى -نحو السّطح، حيث تتراكم. ويعتقد الباحثون أنّ مجموعة أيونات الأوكسجين عالية الكثافة هذه تعطي الجيوب الهوائية شحنات إلكترونية، وتحوّلها إلى بلازما متوهّجة.
لا يقتصر هذا الاستنتاج على تفسير الأضواء وحسب بل ويمتدّ إلى تفسير عوامل حدوثها قبل وخلال الزلزال: فقد يحتاج الضّغط التكتوني (ضغط الصّفائح) إلى دقائق أو ساعات أو أيّام ليتراكم، فإن صحّ هذا التفسير، ستكون هذه الأضواء علامات تحذيريّة من زلزال قادم.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
اترك تعليقا