الكشف عن سر جديد من أسرار الشريط الوراثي DNA

الكثير منا يعلم أنّ المعلومات المشفرة على الشريط الوراثي “DNA” الموجود في أنوية خلايا أجسامنا، هي المسئولة عن التحكم في صفاتنا الوراثية، لكنّ دراسة حديثة تمّت على أيدي مجموعة من علماء الفيزياء النظرية أظهرت الدور الخفي لعملية طيّ الشريط الوراثي في إظهار الصفات الوراثية، من حيث دورها الهامّ في تحديد أيّ من التتابعات الموجودة على الشريط الوراثي _الجينات_ سيكون قادرًا على التعبير عن نفسه.

اللولب المزدوج والجينات

تعلمنا في المرحلة الثانوية كيف استطاع واتسون وكريك استغلال جهود العلماء من حولهما في الكشف عن تركيب الشريط الوراثي “DNA” وذلك  في عام 1953 وتمكنا من الوصول إلى نموذج اللولب المزدوج الشهير الذي عبر ببساطة وعبقرية عن التركيب الفعلي للشريط الوراثي وما يحتويه من قواعد نيتروجينية، ذلك الاكتشاف الذي أدى إلى ثورة كبيرة في علم البيولوجيا ومهّد الطريق نحو عصر الهندسة الوراثية، ومن ثم كان من الطبيعي أن يحصلا وبصحبتهما موريس ويلكنز على جائزة نوبل في الطب و الفسيولوجيا عام 1962، كما تعلمنا أن المعلومات في الشريط الوراثي “DNA” تكون دومًا مشفرة على هيئة تتابعات من القواعد النيتروجينية، يطلق عليها الجينات الوراثية، وبينما تحتوي كل خلية من خلايا الجسم المختلفة على نسخة طبق الأصل من الشريط الوراثي للشخص، لكن كل نوع من الخلايا يؤدي وظيفة مختلفة حسب موقعه في الجسم.

ليست الجينات وحدها هي من يحدد مصيرنا

كما أنه من المعروف سلفًا أنّ تتابع القواعد النيتروجينية يحدد نوع البروتين الناتج من خلية معينة، وبالتالي يتمّ إظهار صفاتنا الموروثة، لكن العلماء يقترحون في دراستهم الجديدة أنّ الخواص الميكانيكية للشريط الوراثي تعمل كطبقة ثانية من المعلومات، وأنّ تلك الخواص الميكانيكية التي تتحكم في طريقة طيّ الشريط الوراثي داخل النواة تلعب دورًا هامًا في كيفية إظهار الصفات المحددة سلفًا على الشريط الوراثي، وتتبع أهمية عملية طيّ الشريط الوراثي من أنّ كل خلية في جسم الإنسان تحتوي على حوالي 2 متر من الشريط الوراثي “DNA”، لذا كان من اللازم أن يتم طيّ ذلك الطول الكبير للشريط الوراثي في حزم تسمى نيوكليوسومات حتى يتم استيعابه داخل الحجم الدقيق للخلية.

الفيزياء والبيولوجيا أيد واحدة

في الوقت الذي بدأ فيه علماء البيولوجيا في محاولة عزل الرموز الميكانيكية التي تحدد كيف يتم طيّ الشريط الوراثي “DNA”، فإنّ مجموعة من علماء الفيزياء النظرية في جامعة ليدن الهولندية قد أكّدوا من خلال عمليات المحاكاة الكمبيوترية أنّ هذه الرموز مشفرة بصورة حقيقية في شريطنا الوراثي.

ومن خلال الدراسة قام الفيزيائي هيلموت شيسل ومعاونيه لمحاكاة عملية طيّ شرائط ال DNA عن طريق رموز معينة عشوائيًا. استخدم العلماء في أبحاثهم جينومًا لفطر الخميرة ونوعًا آخر من الخميرة يعرف بخميرة الانشطار للعثور على العلاقات بين الميكانيكا والهيكل الفعلي لطي الحمض النووي في كلا الكائنين.

إعلان

أكدت النتائج وجود الطبقة الثانية من المعلومات، مما دفعهم إلى استنتاج أنّ الطفرات الوراثية لا تنتج فقط عن التغير في تتابع القواعد النيتروجينية، ولكنها يمكن أن تحدث أيضًا نتيجة التغير في الطريقة التي يتم بها طيّ الشريط الوراثي، وربما يمكننا يومًا الاستفادة من هذه المحاكاة في إخفاء التتابعات غير المرغوب فيها مثل تلك التي تسبب الأمراض.

إعلان

اترك تعليقا