الطبيعانية وعدم القابلية للمقارنة: دراسة في طبيعانية كواين 2

2- طبيعة المعرفة العلمية

  • (2.1) الحقيقة التقريبية approximate truth ونزعة إمكان الخطإ Fallibility

الحقيقة التقريبية والحقيقة المطلقة

بدأت الفلسفة الحديثة مع الحلم الديكارتي الخاص بتأسيس المعرفة على أرض يقينية صلبة، لقد جعل ديكارت الإبستيمولوجيا هي الفلسفة الأولى، وجعل سؤال الفلسفة هو سؤال المنهج، فوظيفة الفلسفة هي اكتشاف الطريق المؤدية إلى “الحقيقة”

وقد وجد ديكارت نقطة اليقين الأولى في الكوجيتو: “أنا أفكر إذًا أنا موجود”، ومنهج الوصول للحقائق هو منهج الاستبطان أو التأمل الذاتي القائم على التمييز والوضوح، فما يتصوره الذهن بوضوح ولا يستطيع أن يتصور نقيضه (بعد عمليات من التحليل) هو الحقيقة (حتى وإن خالفت تقريرات الحواس)، ومن هذه الحقائق نستطيع أن نستنبط عبر خطوات انتقال بسيطة وواضحة حقائق أخرى ومن خلال ذلك نعرف الحقيقة النهائية للوجود، من هنا تبلور المفهوم الديكارتي عن “الحقيقة” -في صورتها المثلى- بوصفها المعرفة اليقينية عن الواقع التي لا يرقى إليها الشك، وهنا تقبع مسلمة خفية تقوم عليها الواقعية العقلانية منذ أفلاطون حتى راسل وهي أن “حقائق العقل (ماهو بديهي ولا يمكن تصور نقيضه) هي حقائق للوجود أيضًا، أي حقائق من منظور خارجي موضوعي (أو ما يسمى منظور عين الله)

بينما تُصوَّر الحقيقية من منظور تجريبي مختلف أكبر الاختلاف عن المنظور العقلاني الميتافيزقي لها :

فجون لوك مثلًا يتبنى ما يُسمّى بالواقعية التمثيلية ويؤكد أن المعرفة الحسية تلك التي تقدم لنا طريقًا لمعرفة الحقيقة الخارجية (على عكس المعرفة الحدسية والبرهانية التي هي مجرد اتفاق واختلاف بين الأفكار)، هذه المعرفة الحسية ليست معرفة مباشرة أو مطلقة، فإننا لا نستطيع تعقب الارتباط بين الصفات الأولية والصفات الثانوية، ولا نستطيع أن ندرك الماهيات الحقيقية للجواهر التي هي العلل المجهولة لكلتا النوعين من الصفات، فالعلم يستطيع أن يقدم لنا القوانين الكلية التي تحكم حدوث الظواهر عن طريق الاستقراء ونستطيع بالتالي أن نتنبأ من خلالها بكل دقة بالظواهر المستقبلية ولكننا لا نستطيع أن نصل إلى العلل الخفية وراء الظواهر، أي لا نستطيع أن نحيط بالمنظور المطلق للحقيقة عن طريق المعرفة التجريبية، لذلك فمعرفتنا بحقيقة العالم الخارجي عن طريق حواسنا محدودة، ولا نستطيع التأكد بنفس اليقين الرياضي من الطبيعة الحقة للأشياء الخارجية و عللها. [i]

وهذا ما يؤكده صديقه نيوتن في عبارته الشهيرة : ” أنا لا أفرض الفروض” Hypotheses non fingo ” يقول نيوتن: لقد فرغنا من تفسير ظواهر السماء والبحار بقوة الجاذبية، ولكننا لم نستطيع أن نكتشف علة هذه القوة من الظواهر، وأنا لا أفرض الفروض، وليس للفروض مكان في الفلسفة التجريبية سواء كانت الفروض ميتافيزيقية أو فيزيقية، في هذه الفلسفة -أي التجريبية- تُستنبط القضايا الجزئية من الظواهر، ثم نجعلها عامة بالاستقراء.  إننا قانعون بمعرفتنا أن الجاذبية موجودة في الواقع وأنها تؤدي دورها حسب القوانين التي شرحناها” [ii] [iii]

وقد أدى تحليل ديفيد هيوم الإبستمولجي لزعزعة الثقة في هذا اليقين النيوتوني الخاص باستخلاص القوانين الكلية للظواهر عن طريق الاستقراء، من خلال تفجيره لمشكلة الاستقراء، فتحليل هيوم يبين أن الاستدلال الاستقرائي لا يكون استدلالًا سلميًا من الناحية المنطقية إلا بافتراض مبدإ العلية والاطّراد، والعلية (تحت معاول التحليل) ليست علاقة بسيطة من علاقات العقل (فإنكار العلية لا يقع بنا إلى التناقض) ولا هي معطى حسي، فلم يرَ أحدٌ من قبل العلية أو لمسها أو تعثر فيها في الطريق، فنحن نشاهد أن قطعة الحديد س تتمدد بالحرارة، وكذلك القطعة ع و ص ، ولكن العلم ليس مجرد حصر وتعداد لمجموعة من المشاهدات والوقائع ولكنه يستخلص القوانين الكلية العامة من مجموعة من الملاحظات الجزئية، فالقانون العلمي لايذكر قطعة الحديد  س أو ص أو ع، ولكنه يذكر الحديد بصفة عامة، أي أنه يعمم مجموعة من الحالات الجزئية بوصفها حالات لقانون كلي (كما اقتبسنا من نيوتن).

إعلان

“كل الحديد يتمدد بالحرارة”

ويلاحظ هيوم أن هذا الادعاء يتجاوز كل الملاحظات التي تمت، أو حتى التي يمكن من حيث المبدإ أن تتم.

وهيوم لا يرمي من نقده للعلية للتشكيك في المعرفة العلمية بالعكس تمامًا، يقول وليم كلي رايت: “لقد شرع هيوم في بناء ما يزال أساسًا ناقصًا لمباديء المنطق الاستقرائي الذي كان على (جون ستيوارت ميل) أن يصوغه بدقة أكثر في القرن التاسع عشر، وربما يكون التفسير الأكثر معقولية لمنظور هيوم المنطقي هو أنه ينظر إلى العلية واطراد الطبيعة على أنهما مسلمتان لا يمكن أن نبرهن عليهما، غير أنهما مفيدتان للغاية، ولا يمكن، في الواقع، الاستغناء عنهما، بالنسبة إلى التوجيه العلمي للحياة وسير كل بحث علمي خارج الرياضيات”[iv]

ولكن ما يعنيه هيوم بتحليله السيكولوجي والمنطقي لمفهوم العلية هو أن الاستدلال الاستقرائي غير مؤسس منطقيًا على بداهة لا يرقى إليها الشك كما كان يُعتقد، ومن ثم تكون معرفتنا العلمية بالعالم الخارجي معرفة تقريبية احتمالية وليست يقينة وغير قابلة للمراجعة، وقد رفض هيوم فكرة “الجوهر” أو العلة الخفية للظواهر (الحامل للصفات المحسوسة) بالكامل سواء الجوهر المادي الذي آمن به لوك ونيوتن أو الجوهر الروحي الذي آمن به جورج بيركلي، وإنكار فكرة الجوهر لا تعني أكثر من أن العلم غير معنيّ بطبيعة الأشياء من منظور مطلق (خلف الظواهر)، وقد أعلن هيوم هذا الادعاء في زمن كان ينظر فيه المشتغلون بالفلسفة الطبيعية إلى الكون نظرة مادية ميكانيكية ومن ثم اُعتبرت هذه النظرةُ الحقيقةَ النهائية عن طبيعة الوجود. وقد تغيرت هذه الرؤية تمامًا مع مطلع القرن العشرين مع ظهور النظرية النسبية وفيزياء ميكانيكا الكم، وقد أصبح الآن واضحًا تمامًا أمام فلاسفة العلم أن الحقيقة العلمية حقيقة تقريبية، وأنها قابلة دائمًا للمراجعة والتصحيح، فاعتبر كارل بوبر القضايا العلمية مرجحة الصدق ولكنها لا يمكن أبدًا أن تصل إلى مرتبة اليقين مهما اجتازت من اختبارات للتكذيب، وأعلن الوضعيون المناطقة أن القضايا التركيبية التي تخبرنا بجديد عن الواقع وهي قضايا احتمالية الصدق لا يقين فيها. ومن هنا ترسخ مفهوم ” الحقيقة التقريبية للعلم” فالحقيقة العلمية ليست مطلقة، لا بمعنى أنها نسبية (ذاتية) أو غير واقعية ولكن بمعنى أنها متطورة وتراكمية ومفتوحة للمراجعة، وهي نقطة قوة كبرى في المنهج العلمي، الذي ينتج المعرفة بشكل متطور وتراكمي يصحح نفسه بنفسه.

وفي هذا يقول د. زكي نجيب محمود

“والعلوم الطبيعية كلها قائمة على الترجيح لا اليقين، فهي دائمًا معرضة للخطإ، لذلك فصدقها احتمالي، دون أن يكون ذلك علامة نقص فيها، أو دليل عيب في منطقها، ولكن العيب والنقص عند المنطقي يريد أن يجعل قضايا الرياضيات التي لا تقول شيئًا كالقضايا التركيبية التي تُنْبئ بجديد” [v]

وكواين يستبعد طلب التأسيس على اليقين المطلق ويتبنى نزعة إمكان الخطإ Fallabilty، أو اللاعصمة، وستتضح هذه النقطة أكثر عند مناقشة دعوى اللاتحديد والكلانية. وبالتالي يستبعد كواين الجانب المذهبي التسويغي Justificatory حتى في صورته الردية Reductionism عند الوضعيين المناطقة ويضع بدلًا منه الكلانية التأكيدية Confirmatory Holism ويميل إلى جانب هيوم قائلًا [vi]:

“من الناحية المذهبية، أنا لا أرى أننا تقدمنا اليوم أبعد من حيث تركنا هيوم، فالمأزق الهيومي هو المأزق الإنساني” [vii]

­ ما هي الحقيقة ؟!

إن مفھوم الحقیقة مختلف أشد الاختلاف بین الاستخدام العلمي (التجريبي) للكلمة والاستخدام المیتافیزیقي العقلاني للكلمة، فبینما ھذا الأخیر ینشد الحقیقة النھائیة الثابتة التي لایرقى إليها شك ولا تطولھا أیدي المراجعة، فإن العلم لا یؤمن بالحقیقة المیتافیزقیة من منظور عین الله God’s eye perspective ، فلا یمكننا أبدًا أن نتجاوز مخططنا المفھومي بالكامل طلبًا لنقطة إشراف مرجعیة مطلقة نشرف منھا على معرفتنا من الخارج ونحاكمھا من ھناك، إن الحقيقة إذًا هي أفضل تصور متاح لدينا الآن عن العالم الذي نتوصل إليه عن طريق “المنهج العلمي”. وبين الحين والآخر نغير بعضها هنا وهناك إلى الأفضل، من خلال مذهبنا الكلي المتطور، ونحكم على الحقيقية بكل يقين وثقة ممكنة، نعم هي قابلة للتصحيح ولكن هذا يمضي بدون أن يُقال.[viii]

فالكشف عن طبيعة الحقيقة مهمة العلم وحده، “بهذا المعنى يكون العلم هو الحَكَم الأخير للحقيقة.”[ix]

فلا معنى كذلك للتساؤل عن ما إذا كانت معرفتنا مطابقة للواقع في ذاته، أم لا، لأننا لا نستطيع أن نتجاوز حدودنا الإدراكية ومخططنا المفهومي لنقارنه بالواقع في ذاته، والحق أن النزعة الأسسية في التسويغ هي أساس الخلط و اللبس حول مصطلح الحقيقة فهي تستمد معقوليتها من الإرث الفلسفي الأفلاطوني الذي يفصل بين الحقيقة المثالية الترنسندنتالية في ذاتها وبين المعرفة بالظواهر، فكيف يمكن أن نتسائل إلى أي مدى يتطابق أو يختلف إطارنا النظري عن هذه الحقيقة الخام (من منظور عين الله، أو الشيء في ذاته، أو الحقيقة المطلقة)، إذا كنا لا نستطيع  أن نتصور الحقيقية إلا من خلال لغة معينة ومنظور نظري معين؟!

يقول كواين : ” السؤال الفلسفي الذي يبدو أساسيًا، إلى أي مدى تساهم اللغة، وإلى أي مدى يساهم الواقع في تشكيل علمنا؟!، هو ربما سأل سؤالًا زائفًا والذي ينشأ هو نفسه بالكامل عن نوع محدد من اللغة. لا ريب أننا سنكون في مأزق إذا حاولنا إجابة مثل هذا السؤال، لأنه لكي نجيب عن هذا السؤال يجب أن نتحدث عن العالم وأن نتحدث كذلك عن اللغة، ولكي نتحدث عن العالم لابد أن نطبق على العالم مخططًا مفهومًا خاصًا بلغتنا المعينة. ولكن على الرغم من ذلك لا يجب أن نقفز إلى النتيجة الجبرية القائلة أننا أسرى مخططنا المفهومي الذي نشأنا وترعرعنا عليه، بل أننا يمكننا تغييره، جزءًا جزءًا ولوحًا لوحًا، وخلال ذلك ليس هناك ما نقف عليه إلا مخططنا المتطور نفسه، ولقد شبه نيوراث تشبيهًا مصيبًا مهمةَ الفيلسوف بمهمة البحار الذي يتوجب عليه إعادة بناء سفينته في عرض البحر، يمكننا تحسين مخططنا المفهومي، فلسفتنا، جزءًا بجزءٍ، في الوقت نفسه الذي نستمرفيه في الاعتماد عليه، ولكننا لا نستطيع أن نفصل أنفسنا عنه وأن نقارنه موضوعيًا بحقيقة واقعية خارج مخططنا المفهومي. لذا أعتقد، أنه لا معنى للبحث في صحة المخطط المفهومي المطلقة بوصفه مرآة للواقع.” [x]

إن مفهوم الحقيقة إذًا هو نفسه جزء من شبكتنا المعرفية ومخططنا المفهومي، فلا معنى للحديث عن حقيقة سابقة منطقيًا على الخبرة (منظور عين الله)، إن معنى الكلمات في استعمالها meaning is use وإذا بحثنا عن معنى كلمة “الحقيقة” وجدناها تشير إلى ما هو متاح للإدراك البشري السليم بالأساس، في مقابل الخطإ والوهم والظن، فالحس المشترك هو نقطة الانطلاق البدائية للعلم، وما العلم إلا الحس المشترك، وقد أصبح واعيًا بنفسه  Science is self-conscious common-sense، فإننا ننطلق من الحس المشترك نحو فهم أعمق للواقع، ويمكننا أن نراجع الحس المشترك وأكثر مسلماته بداهة ولكن فقط بعد أن نكون قد تقدمنا في العلم انطلاقًا من الحس المشترك نفسه إلى مناطق نستطيع الارتكاز عليها لنحاكم الحس المشترك، فقابلية المعرفة للخطإ وعدم عصمتها، لا يجب أن يقذف بنا إلى الشك أو إلى المثالية الذهنية mentalism، فكون الحقيقة لابد أن تكون محتواةً في مخططٍ مفهومي و إطار نظري بالنسبة لنا، لا يقدح بتاتًا من كونها “حقيقة” بل إن هذا هو المعنى العادي -وربما الوحيد- للكلمة، ولكن يقدح بالتالي في الحلم الديكارتي الأفلاطوني في الوصول إلى الحقيقة الميتافيزقية الخام، الثابتة والنهائية والمجردة عن أي مرشحات إدراكية أو وجهات للنظر، إن طلب مثل هذه “الحقيقة” لهو نوع من المرض اللغوي -على حد تعبير فنجنشتين-.

يقول كواين : “هناك فساد لغوي في محض التساؤل عما إذا كانت خبرتنا عن الأشياء العادية حقيقية أو ليست كما تبدو، أو أنه يجب أن نطلب دليلًا على كونها حقيقية. والسبب في ذلك أن الكلمتين الأساسيتين في هذا السؤال: “حقيقة”، “دليل” لم يتم تقديم تعريف كافٍ لهما ليجعلهما قادرين على تحمل هذا العذاب الذي يضعهما مثل هذا السؤال في مواجهته. سنكون في المقابل نحرمهما من الدلالة الوحيدة التي يمتلكانها، كما يعنيان بالنسبة لنا. لقد كان عالم اللغة، د. جونسون هو الذي أثبت حقيقية الحجر عن طريق ركله، ولكي نبدأ، على الأقل، ليس لدينا إلا القليل مما هو أفضل مما  لدى د. جونسون، الأشياء الفيزيائية المعتادة ربما تكون ليست كل ما هو حقيقي، ولكنها أمثلة ممتازة على ماهو حقيقي.”[xi]

  • (2.2) نقص التحديد Underdetermination of theory by evidence.

في أي  نظرية علمية يوجد نقص تحديد عن طريق الأدلة التجريبية، أي أنه هناك دائمًا فجوة بين المُعطى والنظرية، ولا تكون الأدلة المتاحة كافية منطقيًا أبدًا لتحديد النظرية، هذه ببساطة هي دعوى اللاتحديد و قد شاع هذا المصطلح مع بيير دوهم في القرن ال19 لوصف النظرية الفيزيائية وسحبه كواين ليشمل جميع الشبكة المعرفية لذا فهو يسمى بأطروحة دوهيم-كواين، والدعوى المكملة لنقص التحديد هي دعوى الكلانية.

يقول كواين: “إننا ندرس العلاقة بين المدخل الضئيل (أي المثير الحسي) والمخرج الغزير (أي علمنا ومعرفتنا) وهي العلاقة التي نستحث على دراستها لنفس الأسباب تقريبًا التي تحث دائمًا على دراسة الإبستمولوجيا -التقليدية-، أعني لكي ندرك كيف يرتبط الدليل بالنظرية، وبأي الطرق تتجاوز نظرية المرء في الطبيعة أي دليل متاح.” [xii]

وإذا تتبعنا الأصل المنطقي والتاريخي لمشكلة نقص التحديد وجدناه في مشكلة الاستقراء فالنظرية القائلة: “إن كل الحديد يتمدد بالحرارة .” لا تكون أبدًا مبررة تبريرًا كاملًا عن طريق المعطيات الحسية الخاضعة للملاحظة، فالنظريات العلمية كلية وشاملة بينما المعطيات القابلة للملاحظة دائمًا محدودة، أما أطروحة نقص التحديد للنظرية من خلال الأدلة فهي لا تقتصر على مشكلة الاستقراء وإن كانت تستوعبها، ولكنها أعم وأشمل. (( وانظر أيضًا مايسميه نيسلسون جودمان لغز الاستقراء الجديد ” “New Riddle of Induction” وهو أقرب إلى نقص التحديد من مشكلة الاستقراء التقليدية))

تقول دعوى اللاتحديد إنه في كل نظرية عامة هناك فجوة غير معبورة بين المعطيات والنظرية، فالمعطيات دائمًا قابلة للتفسير في أكثر من إطار نظري، أي أن الأدلة لا تحدد بدقة أي التفسيرات المحتملة هو التفسير الصحيح للظاهرة، ويتم دائمًا سد الفجوات في الإطار النظري عن طريق لا يعتمد مباشرة على أي دليل، كما أن البينات والمعطيات التي تعتمد عليها النظرية تكون هي نفسها مثقلة بالنظريات، وآليات القياس وأجهزة الملاحظة تعتمد بدورها على فرضيات عاملة وقواعد للمطابقة.

يقول كواين: “إن أي صيغة متناهية سوف تتضمن (المجموع الكلي لجمل الملاحظة) يتعين عليها أن تتضمن مسألة مختلفة معينة، أو عملية سد، التي تكون فائدتها الوحيدة، هي إكمال الصيغة، وهناك حرية اختيار ما لعملية السد، وهذا هو التحديد الناقص” [xiii]

ينتج عن ذلك أننا لا نستطيع أن نتحقق من نظرية بمفردها عن طريق الاعتماد فقط على المعطيات لأن النظريات ترتبط بالمعطيات عن طريق نظريات أخرى، وينتج عن ذلك أننا لا يمكن أن ندحض نظرية ما عن طريق مثال سلبي  counter-example أو تنبؤ خاطئFalse-Prediction واحد وبالتالي عدم وجود ما يسمى بالتجربة الحاسمة Crucial Experiment، لأن التجربة السلبية ستخبرنا فقط أن هناك قضية واحدة على الأقل في النسق النظري خاطئة، ولكن لا يمكن أبدًا عن طريق التجربة أو المعطيات تحديد أي قضية هي التى يجب التخلي عنها.

ولتوضيح ذلك تأمل مثال اختبار الفرض القائل بأن الأرض مسطحة: سفينة تبحر بعيدًا عن ميناء الإسكندرية في اتجاه مستقيم. إذًا سوف تتوارى السفينة فجأة، أو على الأقل يتوارى الجزء الأعلى منها أولًا، ومع ذلك فإننا نلاحظ أن السفينة تتوارى شيئًا فشيئًا والطرف الأعلى منها هو آخر ما يتوارى منها، ومن ثم يكذب فرض الأرض المسطحة.

على أن هذا التصور لمنطق الاختبار لم يحظ بقبول عند دوهم و كواين، لأننا لا نستطيع أن نختبر فرضًا منعزلًا اختبارًا تجريبيًا، ولننظر مرة أخرى في المثال السابق، هل ينطوي بالفعل على فرض واحد أم مجموعة من الفروض؟! ألا نضيف مثلًا، الفرض القائل بأن الضوء يسير في خط مستقيم إلى فرض السطحية لكي نستنتج أن السفينة سوف تتوارى فجأة أو يكون الجزء الأعلى منها هو أول ما يتوارى منها، إذا انتبهنا إلى استعمال هذا الفرض الإضافي، ألا يجب أن نعترف بأنه هو ذاته جزء لا يتجزأ من نظرية أو نسق من الفروض حول الضوء؟!”[xiv]

ويمكننا أن نمضى فنقول إن النسق النظري حول الضوء يعتمد هو بدوره على نظرية فيزيائية عامة (مفاهيم مثل الحركة، والسرعة… إلخ) التي تعتمد على الرياضيات والمنطق، أي أن صدق أي قضية يعتمد على كامل المخطط المعرفي في كلانيته، الذي يترابط كشبكة معرفية واحدة.

ويوضح كواين الأساس الإبستمولجي لدعوى الكلانية في نصّ شهير من مقالة “عقيدتان للتجريبية” قائلًا : “العلم الكلي أو مجموع ما يُدعى معرفتنا أو معتقداتنا، بدءًا من أكثر الأمور عرضية في الجغرافيا والتاريخ، وانتهاء بأعمق قوانين الفيزياء الذرية وحتى الرياضيات البحتة والمنطق، هو نسيج من صنع الإنسان، لا يمس الخبرة إلا في الأطراف، وفق استعارة أخرى، العلم الكلي في مجمله أشبه مايكون بمجال قوة لا يمس الخبرة إلا عند أطرافه، ليس هناك خبرات من نوع معين ترتبط بقضايا من نوع معين داخل المجال، سوى بصورة غير مباشرة عبر اعتبارات التوازن التي تؤثر على المجال ككل، إنْ صح هذا الرأي، فإن الكلام على المحتوى التجريبي الحسي للقضية الجزئية يصبح كلامًا مضللًا -وبخاصة إذا كانت القضية بعيدة عن محيط الخبرة الخاص بالمجال- وعلاوة على ذلك، يصير نوعًا من الحماقة أن نبحث عن حد بين القضايا التركيبية التي تصدق عرضًا في الخبرة، والقضايا التحليلية، التي تصدق بصرف النظر عما يحدث ، فأي قضية يمكن أن تكون صادقة، دائمًا، إذا أجرينا تعديلات متطرفة إلى حد كبير في مواضع أخرى من النسق. في المقابل، وعلى النحو نفسه، ليس هناك إقرار محصن ضد المراجعة، حتى مراجعة القانون المنطقي المعروف بالقانون الثالث المرفوع تم اقتراحه كوسيلة لتبسيط ميكانيكا الكم.[xv]

وهذه الرؤية التي تُعرف بالنزعة الكلانية Holistic أو أطروحة دوهيم وكواين Duhem-Quine thesis قد أثرت بشكل مباشر أو غير مباشر تأثيرًا بالغًا في فلسفة العلم في النصف الثاني من القرن العشرين.

فأولًا: نجد أن بعض رموز الوضعيين المناطقة تحت موجات النقد الذاتي الذي قام به كارل همبل وأوتو نيوراث وكواين قد تخلوا عن تمسكهم  بمعيار القابلية للتحقق Verifiability بالمعنى القوي وتخلوا كذلك عن تمسكهم بضرورة ترجمة الجمل النظرية مباشرة إلى قضايا البرتكول (قضايا ملاحظة) وعن يقينية وعصمة هذه الأخيرة، فيقدم جولز آير في كتابه “اللغة والصدق والمنطق” معيار التحقق الضعيف وهو مجرد التحقق من حيث المبدأ، وكذلك فعل كارناب عندما استبدل معيار التحقق بمعيار التأكيد confirmability ويحدثنا كارناب في كتابه “الأسس الفلسفية للفيزياء” متأثرًا بنقد كواين عن وجود فجوة في ترجمة الجمل النظرية  T-Sentences إلى جمل الملاحظة  O-sentence ويقترح عنصرًا وسيطًا يسميه “قواعد المطابقة”  أو ” المصادرات النظرية”.

و ثانيًا: نجد أن معيار الترسيم Demarcation الأشهر بين العلم واللاعلم الذي وضعه كارل بوبر وهو ” القابلية للتكذيب Falsifiability” قد فقد العديد من الأنصار وتخلى معظم البوبرين عنه نحو صورة مخففة منه مثل معيار القابلية للتأيد Corroborability وينتقد إمري لاكاتوش معيار التكذيب البوبري لأنه إذا تم تطبيقه بحرفيته سيؤدي إلى استبعاد معظم النظريات العلمية الحالية من دائرة العلم، ويقترح لاكتوش في المقابل أننا لا نستطيع أن نُكذّب أو نُخضع للاختبار نظرية مفردة، ولكن سلسلة متصلة من النظريات والتي تتمركز حول مركز Hardcore نظري والذي يكون غير قابل للتكذيب Irrefutable ويستحيل دحضه عن طريق التجربة. وترتبط بهذا المركز مجموعة من النظريات المساعدة auxiliary hypotheses ويكوّن كل من المركز والنظريات المساعدة ما يسمى بالبرنامج البحثي Research Program، وعندما يفشل البرنامج البحثي ككل، أي تسقط معظم نظرياته المساعدة، في هذه الحالة يمكن استبداله ببرنامج بحثي آخر.

  • (2.3) عدم القابلية للمقارنة Incommensurability

ومن بين الفلاسفة المتأثرين بدعوى اللاتحديد نجد أن الأشد والأكثر ذهابًا بها إلى بعض النتائج المتطرفة هما فيلسوفان: بول فايرباند وتوماس كون.

يتطور العلم بالنسبة لكون عن طريق تطور تراكمي بسيط في فترات الركود يتبعها ثورات كبرى يتغير فيها النموذج المفهومي للعالم بالكامل Paradigm Shift، لذا فقد يوجد نموذجان نظريان “باراديمز Paradigms “، كلاهما يفسر ويستوعب المعطيات والأدلة بنفس الكفاءة التنبؤية وكل منهما ناقصُ التحديدِ بطبيعة الحال، ولكنهما مختلفان فيما بينهما (يمكنك أن تفكر كمثال في تناول الجاذبية عند كلٍ من نيوتن و أينشتاين) وليس الاختلاف محصورًا في اختلافات في تفسير بعض الظواهر الطبيعية ولكن الخلاف يمتد لدرجة أن كلًا منهما يستخدم حدودًا Terms مختلفة، ومن ثم تصورًا مختلفًا للمعطيات (للظواهر) نفسها، أي لكل منهما لغة خاصة وغير قابلة للترجمة للغةِ الأخرى، (قارن مثلًا بين مفهوم الكتلة عند نيوتن وفي فيزياء الجسيمات المعاصرة) ، فالبراديمز جزر منعزلة لا يمكن قياس كل منهما إلى الآخر أو إلى نموذج موضوعي.

والأساس المنطقي الذي تقوم عليه دعوى عدم القابلية للمقارنة (أو المقايسة) هو نقص التحديد للنظرية من خلال الأدلة. وتتشابه دعوى عدم المقارنة مع دعوى عدم تحديد الترجمة عند كواين Indeterminacy of Translation  (ولكن من منظور سيمانتيكي) ولكن كواين لا يعني بنقص التحديد في النظرية العلمية أو دعوى عدم التحديد في الترجمة أننا لا نستطيع أن نترجم بين اللغات أو أن نقارن بين النماذج المفهومية على أرض الواقع، إننا نفعل بالطبع ولكننا لا يمكننا أن نفعل ذلك بيقين منطقي تام بالاستناد إلى المعطيات الحسية، بل بالاستناد في المقابل إلى مجموعة من المعايير البرجماتية والمبادئ التطبيقية  implicative principles مثل الفروض التحليلية (في حالة الترجمة) ومعيار الاقتصاد المعرفي والبساطة وحتى الأناقة من أجل ذاتها..  يقول كواين:  “لذا يجب ألّا يكون معيارنا الذي نقيم به التغيرات الأساسية في مخططنا المفهومي معيارًا واقعيًا، أي معيارًا مطابقًا للواقع، بل معيارًا برجماتيًا، فالمفاهيم لغة، والغاية من التصورات ومن اللغة هو الفاعلية في التواصل و التنبؤ. هذا هو الواجب والغاية النهائية للغة وللعلم وللفلسفة. وهكذا يجب أن يكون تقييم مخططنا المفهومي -هو في النهاية – نسبة إلى هذا الواجب.

الأناقة، والاقتصاد الفكري تعد أيضًا كغايات، لكن هذه القيمة، بالرغم من جاذبيتها، هي أمر ثانوي أحيانًا بطريقة أو بأخرى، فالأناقة تستطيع التمييز بين مخطط مفهومي يمكن نفسيًا التعامل معه وآخر غير عملى بحيث تعجز عقولنا عن التعامل معه بنجاح وفاعلية. وعندما يحدث هذا، تكون الأناقة مجرد وسيلة لغاية هي مخطط مفهومي مقبول برجماتيًا، وقد تدخل الأناقة كغاية في حد ذاتها، ومن المناسب أن تكون كذلك طالما ظلت ثانوية وفق اعتبار آخر، أي طالما لم يتم اللجوء إليها إلا في سياق خيارات لا يعين المعيار البراجماتي فيها قرارًا مضادًا. وحيث تكون الأناقة غير مهمة (برجماتيًا) ، يجب أن نسعى، وسوف نسعى على شاكلة الشعراء، صوب الأناقة بوصفها غاية في ذاتها. “[xvi]

إذًا فكواین لا یذھب بنزعة نقص التحديد إلى حیث ذھب بھا توماس كون و بول فایرباند أي إلى النزعة اللاواقعیة في العلم Scientific Anti-realism، والتي اُستخدمت من خلال التيارات المابعد-حداثية في إطار نقد العلم.

یقول د. حیدر إسماعیل: “ما بین كواین وفایرباند من الوجھة المنطقیة ما بین النقیض والنقیض، فكواین یقول بإمكانیة مقارنة نظریتین علمیتین بمعاییر البساطة والأناقة والاقتصاد والتنبؤ، حتى إذا كانتا متكافئین، اُختیرت أكثرھما بساطة وجمالًا واقتصادًا وقدرة على التنبؤ، ورُفضت الثانیة. مقابل ذلك، بل نقیض ذلك، نجد فایرباند مُلوّحًا بمبدإ عدم إمكانیة المقارنة “[xvii]

فكواین على عكس كون، یتبنى الواقعية الكلانیة Holistic Realism أو الواقعیة المحایدة Immanent realism، وهي تختلف قطعًا عن النزعة اللاوقعية في العلم، فمعرفتنا بالعالم لیست معلقة في الفراغ، فالعلم، بفضل علاقته بالملاحظة، يحتفظ بعلاقة من نوع ما تندرج تحت النظرية التطابقية في الصدق، (بالتأكيد هي مطابقة كلانية)[xviii] فهي تعتمد على عنصر واقعي Factual component وعنصر لغوي  linguistic component، ولكننا لا نستطیع أن نفصل بینھما أو نرد أي قضیة لأحد العنصرین دون الآخر، ولابد لنا مادمنا تجربیین أن نحتكم في النھایة إلى محكمة الحواس ولكن ھذا الاحتكام یكون للنسق بأكمله ولیس لنظریات أو قضایا مفردة . أي أن النسق المعرفي كله هو محل التحقق وليس الجمل الفردية، والذي يكون علامة ارتباطه -كنسق واحد-  بالواقع هو نجاحه في التنبؤ، “فالعلم ليس إلا أداة للتنبؤ بالحوادث المستقبلية في ضوء الحوداث الماضية”[xix]، فمعيار تسويغ العلم هو كفاءته التنبؤية وعندما تتساوى الكفاءة التنبؤية لمجموعة من النظريات المتنافسة  نلجأ إلى مجموعة من المبادئ التطبيقية (والمعايير البرجماتية) مثل اختيار النظرية الأفضل من حيث الكفاءة التفسيرية وقوة الترابط مع بقية النسق المعرفي (أو ما يسمى بقانون الحد الأدنى، وهو التخلي عن الحد الأدنى من الادعاءات للحفاظ على توازن المجال المعرفي)، والأفضل من حيث البساطة النظرية والاقتصاد الأنطولجي (أو ما يسمى بشفرة أوكاهم)، فإنْ تساوَى افتراض النظرية مع عدم افتراضها في كل ما سبق ، لجأنا إلى معيار الأناقة، الأناقة من أجل الأناقة.


المصادر
[i] كان الخلاف بين التجربيين والعقليين محتدمًا حول إمكان المعرفة الفطرية Innate knowledge التي كان يعتقد فيها ديكارت و ينكرها التجربيين ورغم أن التجربيين يرفعون الشعار التجريبي الأشهر " لا شيء في العقل إلا و قد مر عبر الحواس أولا" "Nihil est in intellectu quod non prius in sensu"  إلا أنهم يتفقون أن قضايا الرياضيات و المنطق قضايا يقينية لا يتطريق إليها الشك، بينما قضايا العلم التجريبي أقل في درجة اليقين. إلا أن مفهوم الحقيقة الرياضية بين التجريبيين و العقلانيين لهو مختلف أشد الأختلاف.

 فجون لوك مثلًا يقسم المعرفة إلى ثلاث درجات من حيث اليقين، أولهما المعرفة الحدسية ((الحدس عند لوك ليس هو الحدس عند العقليين ، أي أنه ليس معرفة عقلية مباشرة مستقلة عن الحس، و لكنه الحكم الذي يصدره العقل باتفاق أو اختلاف فكرتين بدون توسط أي قكرة بينهما ، مثل معرفتنا أن اللون الأبيض ليس أسود))  ثم المعرفة البرهانية و أخيرا المعرفة الحسية ، وبينما يعتقد لوك ان النوعين الأولين يجعلان الإستدلال في الرياضيات و الأخلاق مؤكدا، و يقدمان برهانا على وجودنا ذاته، إلا إنه ينظر في هذيين المجاليين إلى " الحقيقة" على أنها تتضمن اتفاق الأفكار بعضها مع بعض ، و ليس مطابقة أفكارنا مع حقيقة واقعية خارجية، كذلك يفرق ديفيد هيوم بين "حقائق العقل" التي هي مجرد علاقات بين الأفكار وبين "حقائق الواقع" التي هي أفكار حسية، و هو كذلك يعتبر  حقائق العقل (مثل المنطق والرياضيات) يقينية الصدق ولكن لسبب بسيط هو أنها لا تخبر شيء عن الواقع بل هي مجرد علاقات بين الافكار، بينما حقائق الواقع هي الأفكار الحسية التي تكتسبها من الواقع الخارجي، , و تبنى الوضعيين المناطقة التمييز الهيومي/الكانطي بين القضايا التحليلية الاولية و القضايا التركيبية البعدية، واعتبروا الأولى تحصيل حاصل فارغة من اي محتوى (عبر مذهب المواضعة اللغوية) وأما الثانية فهي فهي القضايا التي تخبرنا بجديد عن الواقع وهي قضايا إحتمالية الصدق لا يقين فيها.

وفي مقالة " عقيدتان في التجريبية" انتقد كواين التمييز الكانطي بين ماهو تحليلي و ماهو تركيبي بوصفه عقيدة زائدة عن الحاجة، فنحن لا نستطيع أن نحدد إلى أي مدى تسهم اللغة أو يسهم الواقع في تشكيل إعتقادتنا، فالنظرية ( الإطار اللغوي) ترتبط بالواقع ( المعطيات الحسية) بشكل كلاني، ولا يمكن فصلهما بخصوص كل قضية بمفردها بل النسق المعرفي كله يعتمد في كلانيته على كلا العنصرين اللغوي و الواقعي.

[ii] إسحق نيوتن – مبادئ الرياضيات - General Scholium (تعليق عام)

[iii]  ونحن نختلف بالطبع مع نيوتن في موقفه من الفروض، ولكن الاقتباس لتوضيح أن مفهوم الحقيقية التي تنشدها الفلسفة التجريبية منذ نشاتها لا يهدف إلى الطبيعة النهائية خلف الظواهر و حدود الإدراك

[iv]  وليم كلي رايت – تاريخ الفلسفة الحديثة ترجمة محمود سيد أحمد ص 213

[v] د. زكي نجيب محمود – المنطق الوضعي ص 494

[vi]انظر كتاب د.صلاح اسماعيل نظرية المعرفة المعاصرة - ص 209-210

[vii] كواين النسبية الأنطولوجية ومقالات أخرى ص 72

[viii] كواين – الكلمة والشيء ص 25

[ix] كواين – الكلمة والشيء ص 23

[x] كواين – من وجهة نظر منطقية – مقالة الهوية والإشارة والتشيء - ص 78

[xi] كواين – الكلمة والشيء ص 3

[xii] كواين النسبية الأنطولوجية ومقالات أخرى ص 82-83

[xiii] كواين – عن نظم العالم المتساوية تجريبيًا – نقلًا عن كتاب د. صلاح إسماعيل: فلسفة اللغة والمنطق دراسة في فلسفة كواين ص 264

[xiv] نقلا عن كتاب د. صلاح إسماعيل : فلسفة اللغة والمنطق دراسة في فلسفة كواين ص 85

[xv] كواين – عقيدتان للتجريبية – من كتاب من وجهة نظر منطقية  ص 42

[xvi] كواين – من وجهة نظر منطقية – مقالة الهوية والإشارة والتشيء - ص 79

[xvii] د. حيدر حاج إسماعيل – من مقدمة ترجمة كتاب من وجهة نظر منطقية – ص 33

[xviii]  وھنا یتجلى الفرق في المذھب الترابطي في نظریة الصدق بین الترابطیة التجریبیة مثل ترابطیة كواین ونیوراث و الترابطیة المثالیة مثل ترابطیة برادلي - أنظر كواين - النظريات و الاشياء ص 63

[xix] كواين – عقيدتان للتجريبية – من كتاب من وجهة نظر منطقية  ص 43

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: ندى حمدي

اترك تعليقا