فراشات ترفرف في معدتك

من المؤكد أنك شعرت بوجود شيء يرفرف في معدتك مدغدغًا إياها قبل خضوعك لامتحانٍ ما، أو عند وقوفك على حافّةٍ مُرتفعة، أو عندما تبادلت النظرات مع الشخص الذي يثير إعجابك منذ مدة طويلة. إلا أنه من الغريب أن هذا الإحساس يُراودك في العديد من المواقف المختلفة التي تتعرض لها في حياتك اليومية. لذلك فإن فهمك للأسباب التي تؤدي إلى شعورك بهذا الإحساس الغريب سيُجيب على التساؤل الشائع:

لماذا يراودني هذا الشعور في اللحظات التي تدعو إلى السعادة واللحظات التي تدعو إلى الخوف والتوتر على حدّ سواء؟

اهدأ ولا تكترث لهذا الشعور

من المحتمل أنك قد سمعت بمصطلح الكرّ أو الفرّ(fight or flight)، إلا أنّه من المُستَبعد معرفتك لمصطلح الراحة والهضم (rest and digest) . إن كُلًّا من المصطلحَيْن السابقَيْن يشير إلى قسمٍ معيّن في جهازك العصبي الذاتي (autonomic nervous system) الذي يتحكم بالعمليات الحيوية في جسدك دون أي تدخل واعٍ منّكَ. يُشير مصطلح “الكرّ أو الفرّ” إلى الجهاز العصبي الودّي (sympathetic system) الذي يقوم بإعداد العمليات الحيوية في جسدك لاستقبال أية حالة طارئة خارجية قد تؤثر عليه عن طريق زيادة معدل ضربات قلبك وتوسيع المسالك الهوائية في رئتيك وإفراز العرق في كفيّك وتوسيع حدقتيّ عينيك.

أمّا مصطلح “الراحة والهضم” فيُشير إلى  الجهاز العصبي اللاودّي (parasympathetic system) الذي يقوم بالتحكم بالعمليات الحيوية في جسدك في الحالات الطبيعية الخالية من أي خطر. أي أنّ وظيفة هذا الجهاز بشكل جوهري تكمن بخفض كل من معدل ضربات القلب وضغط الدَم عندما يقوم الجهاز العصبي الودّي برفعهما. بعبارة أُخرى، يُعدّ الجهاز العصبي اللاودّي الين لليانغ في الجهاز العصبي الذاتي (أي للجهازالعصبي الودّي).

ولمساعدتك على تخطي المواقف الطارئة، سواء أكان  نمرُ سميلدون (saber-toothed tiger) يطاردك  في البراري أو كان حارسُ موقف السيارات يمشي باتجاه سيارتك المصطفة في مكان غير مخصص للاصطفاف، يتعين على جهازك العصبي الودّي أن يقوم ببعض التضحيات. فعندما يستشعِرُ هذا الجهاز خطرًا محتملًا يقوم بإفراز الأدرينالين والكولسترول في الدم

إعلان

مما يؤدي إلى:

ـ     رفع معدل نبضات القلب.

ـ    دفع الدمّ باتجاه القلب وعضلات القدمين.

ـ   دفع الدمّ بعيدًا عن الجهاز الهضمي.

ونتيجة لانخفاض تدفق الدم في الجهاز الهضمي، تتقلص كلٌ من الأمعاء الدقيقة وعضلات الجهاز الهضمي و الأوعية الدموية التي تحيط بالمعدة؛مما يؤدي إلى الإحساس بوجود فراشات ترفرف في المعدة.

وتُعدّ الرغبةُ في الذهاب إلى الحمّام في لحظات الفزعِ من أشدّ استراتيجياتِ البقاءِ غرابةً، حيث تساعدك هذه الاستراتيجية على ضمان النجاة من المواقف التي تُشكّل خطرًا على حياتك. فإضافةً إلى تقليصِ معظم عضلات الجهاز الهضميّ، يقوم الجهاز الودي العصبي بإرخاء العضلة الشرجية الداخلية، حيث إن تقلص هذه العضلة يؤدي إلى حبس السوائل الزائدة وفضلات الجسم داخله، أما إرخاؤها فيؤدي إلى إخراجهم من الجسم مُسببًا الشعور بالرغبة الملحّة بالذهاب إلى الحمّام. فعلى سبيل المثال؛ إن كان الذئب الرهيب (Dire Wolf) يطاردك في البراري سترغب بالتخلص من أية فضلات زائدة قد تمنعك من الركض بسرعة للنجاة بحياتك.

الرومانسية و أفعوانية المشاعر

لماذا يراودك ذاتُ الشعور أثناء تجهُّزِك للقفز المظلي الحرّ وعند ذهابك لموعد غراميّ ثان بعد طول انتظار؟ إذ أنه من الواضح أن الذهاب لموعد غراميّ لا يُعدُّ مأزقًا يستدعي توسّع حدقتيّ عينيك أو تسارع نبضات قلبك أو تعرّق كفّيك. إلا أنّ هذه الحيرة ستتبددُ إذا أخذنا بعين الاعتبار حقيقة أن التكاثر هو الهدف النهائي للتطور البشريّ، أي أن رؤيتك لزوج مستقبلي محتمل يعد أمرًا طارئًا لكائن حيّ مثلك. حيث صرّح Ken Van Kirk -المختص بالسلوك الجنسي- لقناة ال CNN الأمريكية ما يلي: “إنّ هذه المشاعر المتأججة ستشجعك على اتخاذ الخطوة الأولى وستؤدي بك إلى الإحساس بالتوق الشديد و الرغبة الملحّة لتوجيه تركيزك نحو الشخص الذي يُحتمل أن يكون زوجًا مستقبليًا”.

مما يُلقي الضوء على حقيقةٍ مُفادها أنّ المشاعر لا تحيا في فراغ معزول عن الظروف المحيطة بها. فمن الممكن أن يكون النبض المتسارع والكفين المتعرقتين دليلًا على الخوف من التعرض للدهس عند الوقوف في طريق سيارة مسرعة، أو دليلًا على الانفعال والتوتر قُبيل وقوفك على المسرح في ليلة الافتتاح، أو دليلًا على شعورك بالوله عند تحديقك بشمعةٍ تذكرك بمشاعر الحب. ونظرًا لأنّ جسدك يستجيب للمواقف السابقة بنفس ردّ الفعل، تعدُّ كيفية تعاملك مع كل موقف منهم بشكل مستقل العملةَ الرابحة بين يديك. وكنصيحةٍ أخيرة، في المرة القادمة التي تشعر بأنك شعلةٌ تحترق توترًا قبل تقديمك لأداء مسرحيّ مهم أو قبل اجتماعٍ ذي أهمية كُبرى، فكّر بحماسك الشديد لهذه الفرصة التي سنحت لك دون غيرك من الناس. إن قيامك بالتفكير بكل موقف -يسبب لك الشعور بفراشات ترفرف في معدتك- من ناحيةٍ أخرى أكثرَ إيجابيةً، سيؤدي إلى توجيه الطاقة التي يبذلها جهازك العصبي الودي لتخدم مصالحك بدلًا من إعاقتها.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: راما ياسين المقوسي

تدقيق لغوي: ندى حمدي

اترك تعليقا