فيلم أبديه ويوم .. أوديسه يونانية عن الموت و الزمن

فيلم أبديه ويوم ( Eternity and a Day ) فيلـم يونانـي أنُتـج عام ١٩٩٨ من إخـراج المُخـرج اليونانـي ( ثيـو أنجيلوبولـوس )

الفيلـم من جماليـات السينمـا الشعريـه التـي تبحـث عن المعنـى في داخـل الإنسـان وَ التي أبدع فيهـا المخرج ثيو أنجيلـوبولـوس في أفلآمُـه التي ربطهـا بشكـل رمزي بالأساطيـر اليونانيـة التي مثلـت لديـه الفردوس السعيـد الذي أستعاض به عن واقـع اليونان المُمزق وَ الذي رأى فيـه اليونان مجـرد ميتـه تحتضـر كمـا في أفلآمهُ ( O Thiassos ) وَ ( Ulysses’ Gaze ) .

فيلم أبديه ويوم يسـأل عن مابعـد المُـوت ؟ بدايـة الفيلـم يتحـدث طفلان عن رغبتهُم في الغطـس في البحـر للوصـول للجزيرة القديمـه التـي دُمرت بزلزال وَ أختفت ألا أنها لآ تظهـر ألا عندما يغـادر نجم الصباح الأرض فتظهـر وَ يتوقف الزمـن / خرنـوس

فيسأل أحد الأطفال الذي هُو البطل ( الكسنـدر ) عن ماهُو الزمـن ؟ فيجيـب الأخر : الزمن كما يقـول جدي طفـل صغيـر يلعب النـرد فوق جزيرتـُه ..!

ثم يبـدأ الفلم بالمقطـع الثانـي لأخرهُ عن يـوم الكسنـدر الأخيـر قبـل مُوتـه في الغـد مابعـد الفجـر حيـث يعانـي من مرض مُميت . ثلآث شخصيـات تظهـر كملهُمه للألكسنـدر في يـومُه الأخير لتعطيـه الكلمـات الأخيره عن الحيـاه وَ الحب وَ الطفولـه وَ الصمـت وَ المنفـى وَ العزلـه هُم الشاعـر الأغريقي الوطنـي من القـرن الثامـن عشـر ( ديونسيـوس سولومـس ) الذي فقـد الكلمـات بقصيـده لم يكملهـا سماها ( السجيـن الحـر ) وَ التي شرع الكسنـدر الذي يظهر في الفيلـم كشاعر وَ أديب أكمالها وَ هُو أيضـاً لم يوفق لفقـدهُ الكلمات ، الثاني زوجتـهُ ( آنا ) الميتـه التي خطت ذكرياتهـا برسائل ورقيـه ترثـي حالها لبعُده عنها ملتهـي بالكُتب وَ الأشعار ، الثالث طفـل البانـي لاجئ غير شرعـي لليونان

إعلان

هؤلآء الثلآثه كانـوا ينبـوع للكلمـات المفقُوده التـي يبحـث عنهـا الكسنـدر ليصـف بهـا حياتُه وَ روحـهُ التـي يراهـا كطائر جريـح منفـي من المكـان وَ الزمان فالطفـل الألباني الذي ظهر فجأة بالقصـه هُو منفـي من أرضه ألبانيا التي لا رجـوع لها لأنه لآ يوجد أحد بأنتظارهُ هناك لآ أم وَ لآ عائله

أما زوجتـهُ مثلت ذكريات الماضـي الذي يفتقـدهُ وَ بنفس الوقـت ينتظـرهُ على ضفـة العالم الأخر حيـث الأيام التي زالت وَ لم يولها أهتمام صارت اليوم لهـا وُجود لكن وُجـود مابعد موت

أما الشاعر الأغريقي الذي يظهـر كمجـد لماضـي اليونان حيث ( سولومـس ) من كتـب نشـيد الأنتصـار الوطني اليوناني بعد تحررهـم من سيطـرة العثمانيـن حيث قصـائدهُ كانت المرآه العاكسـه لمشاعـر ألكسنـدر نفسـهُ

قرأت أحدى قصائد الشاعر أسمها ( يوم قيامـة المسيـح ) بالفعـل الشاعـر يملك صـور جماليه بوصـف النور وَ الحياه

باللقطـات الأخيـره للفلـم يظهـر الشاعر للألكسنـدر بطريقه فنتازيـه في باص صُور خالي من الناس ماعـدا الكسندر وَ الطفل الألباني وَ ثوري شيوعي نائم ( صـورة الشيوعي تظهر بأغلب أفلام أنجيلوبولوس ) فيظهـر ليقـول كلمات شعريـه أعجبتني :

مرتجـف بنـدى النجم الأخير للفجـر

الشمـس تشرق متألقه

لآ أثر للغيوم وَ السحـاب

في السمـاء اللآنهائيـه

نفس النسيـم رقيـق وَ ناعم على الُوجه

بدا يهمـس بأعماق قلبي

الحيـاة حلوه .. الحياة حلوه

في نهايـة الفيلم يهاجر الطفل بطريقـه غير شرعيـه لماوراء البحـر أما الكسنـدر فيغادر لأطلآل منزله القديم الذي وُلد فيـه وَ أيضاً عاش فيـه مع زوجتـهُ إلآ أن الغبار غطى زوايا البيت بصـوره شاعريـه تثيـر التحسف على الماضـي ، ثم يتوجه الكسنـدر للبحـر الذي يطل عليـه البيت الذي فيـه عالمهُ الأخر حيث تتجلى الجزيره القديمـه التي يتوقف عندها الزمن ..!

الجماليـه الصوريـه في المقطع الأخير تذكرني بملحمـة أوديسـه هوميـروس وَ جزيرة كاليبسـو التي فيها الابديـه وَ الخلود التي في أقاصي البحار لكن أوديسيـوس في الملحمـه رجـع الى بيتُـه لتحتضنـهُ زوجتـه المنتظـُره التي تـاق لرؤيتها ( بنلوب ) ، لكـن ماهُو وجـود مابعد المُوت ؟ الذي رمز إليه ثيـو أنجليـوبولوس وَ دائماً في جميـع أفلآمُه بالبحـر رمز العبـور للمجهُـول

ردد ألكسندر قبل موتـهُ عند ضفة البحـر كلمات متقاطعـه ( حقيقه . أنتظار . زهرتي الصغيـره ” رمز للحنيـن للطفوله ” . الغريب . متأخر جداً ) جميـع هذه الكلمات ظهرت مبعثره في الفلـم ككُل لتشكـل أجمل فسيفسـاء جمالي فلم ( يوم وَ أبديـه )

المُتيميـن بأندريـه تاركـوفسكـي وَ أنغمـار بيرغمـان بلآ شـك أفلآم ثيـو أنجليـوبولوس ستثير أهتمامهُم وَ بالأخص هذا الـ فيلم أبديه ويوم ..

لينك الفيلم على موقع imdb

في حالة أعجبك المقال، ربما ستعجبك مقالات أخرى، نرشح لك

كوكب سولاريس و عبثية الوجود الإنساني

فيلم Arrival دلالة اللغه لمفهوم الزمن

مراجعة فيلم After the dark استخدام ذكائنا للنجاة في حياتنا

إعلان

اترك تعليقا