في صحبة آين راند: نشيد الحرية

أن تستمعَ إلى ألبوم “٢٠١٢ ” لفريق الرّوك Rush بينما تقرأ قصة النشيد Anthem للكاتبة آين راند، التي استَلهَمَ منها الفريق كلمات أغانيه، فهذه هي الجنة بعينها للسّاهرين أمثالي في هذا الليل المتألق من ليالي الساحل الشماليّ.

موسيقى تحمل في تراكيبها كل عناصر “الخيال العلميّ”، ورواية تشعر أنّ كلماتها كالشعر؛ جميلة كأنها نشيد للحرية فعلًا، هذا وإن كانت مصنّفة باعتبارها أدبًا كابوسيًا dystopian، من الخيال العلمي الذي يحدث في المستقبل، حيث دخلت البشرية عصورًا مظلمةً جديدة.

 

آين راند
آين راند

تتمتع الفيلسوفة والروائية الأميركية المعاصرة آين راند بشعبية ساحقة في موطنها أمريكا، حيث بيع من كتبها اثنين وعشرين مليون نسخة، بل إنّ كتابها الشهير أطلس مُتَمَلمِلًا Atlas Shrugged بلغت مبيعاته في العام ٢٠٠٢ مئة وأربعين ألف نسخة، ووفقًا لاستطلاع ٍخاصّ بمكتبة الكونجرس، فإنه احتلّ المرتبة الثانية بعد الكتاب المقدس، بوصفه الكتاب الأكثر تأثيرًا على القُرّاء في أمريكا.

 

البداية

بدأت الفيلسوفة الأمريكية (الروسية الأصل) آين راند Ayn Rand قصتها بتلك العبارات الساحرة:

” إثمٌ أن تكتب هذا، إثمٌ أن تفكّر في كلمات لا يفكر فيها الآخرون، إثمٌ أن تَخُطّها في أوراق لن يروها، إثمٌ ووضاعة. لا يوجد جرمٌ أشدّ سوادًا من التفكير بمفردك. لقد خالَفْنَا القوانين. خطيئة، نَعَم خطيئة! أدعو الله أن يغفرَ لنا”.

جاءت هذه الكلمات على لسان بطل القصة الشاب؛ الذي تمنّى أن يكون عالمًا باحثًا في أسرار الكون، إلّا أنّهُ قد فُرِضَ عليه أن يقضي بقية حياته يعمل كَنّاسًا في الشوارع. وكان اسم الشاب الذي أطلقته القرية عليهEquality 7-2521، حيث كانت أسماء الناس مجرد أرقامٍ أو أكواد؛ لو أردنا الدّقة.

كل ليلة يختفي هذا الشاب في نفق سري تحت الأرض، يكتب يوميّاته على ضوء الشموع، يجري تجارب علمية خاصة. كانت لغة المذكرات خالية من ضمائر المفرد؛ كَهُوَ، وهِيَ، وأنا، وما يصاحبها من ضمائر المُلكية؛ لأن لغة مدينته لا تعرف إلا “نحنُ، وأنتم، وهم، وهُنَّ”.

إعلان

نجح الشاب في إعادة اكتشاف المصباح الكهربائي، فطار فرحًا يَحدُوهُ الأمل بتغيير مهنته من مجرد كَنّاسٍ إلى “عالِم”. لكنّهُ عندما عرض اكتشافه على مجلس العلماء، رفضوا اختراعه وأدانوه لأنه تجرّأَ وتصرّف بمفرده دون التشاور معهم.

الهروب

هرب الشاب إلى الغابة مع حبيبته؛ وهي فتاةٌ بسيطةٌ تعمل فلّاحة، وهناك عَثَرَا على كوخٍ قديمٍ به بعض المخطوطات مكتوبة بلُغَةٍ غريبة، نجحَ الشّابان في فكّ رموزها، فاكتشفوا الّلغةَ المفقودة التي تحتوي على مفردات مثل: أنا، وهو، وهي، تلك الّلغة التي تُمَجِّدُ تَفَرُّدَ النّاس، وتحترم خصوصيّاتهم، وتحمي حرّيات كل فردٍ منهم.

وكانت الكلمة المُحرّمة في تلك المدينة الظلامية، والتي يُعدَم أيّ شخصٍ يَذكُرُها، هذا إذا كان يعرفها؛ كلمة “أنا”، مَكمَنُ التّفَرُّدِ ويُنبوعُ الحرّية.

النهاية

قرّر الشّاب تسمية نفسه “بروميثيوس” الذي أعطى البشر النار حسب الأساطير اليونانية القديمة، وأسمت الفتاة نفسها “جيا” بمعنى الأرض.
تَعَهَّد “بروميثيوس” باستخدام عِلمه الجديد في بناء مجتمعٍ جديدٍ قائمٍ على الحُرّية.

وتجدون هنا القصة ككتاب صوتي  ممتع

انتهيت من القصة وامْتَزَجَت الموسيقى وكلماتها في قلبي المثقل، وشعرتُ يقينًا أنّ الشّباب هُم القادرون على مواجهة طاغوت الأنظمة التي تبغض الحريات، وتسعى لإذابة الأفراد تحت مظلة آيديولوجيات أو شعارات جمعيّة. وصَرَختُ بأعلى صوتي مستدعيًا روح آين راند بداخلي:

الشباب وحدهم القادرون على التّغيير وبناء مُدُنٍ جديدة للحرية! المَجْدُ للحُرّية!!!

 

إعلان

اترك تعليقا