لماذا يبدو دم الإنسان أزرقًا رغم أنّه أحمر اللون؟

يتكوّن دم الإنسان من أربع مكونات رئيسية:

  • كرات الدّم الحمراء
  • كرات الدّم البيضاء
  • والصّفائح الدموية
  • وأخيرًا البلازما

تمثّل كرات الدّم الحمراء حوالى 40-45% من حجم الدّم، وهي تُصنَّع من نخاع العظام بمعدّل 4-5 مليون كرة فى الساعة الواحدة، وتصل دورة حياة كرة الدم إلى 120 يوم.

 يوجد البروتين الأهمّ على الإطلاق وهو “الهيموجلوبين” في كرات الدّم الحمراء، وهو المسئول بشكل أساسيّ عن حمل الأكسجين من الرئتين لكلّ أنسجة الجسم. وعندما يرتبط الهيموجلوبين مع الأكسجين لينقلَه إلى خلايا الجسم المختلفة يسمّى “أوكسي هيموجلوبين”، وعندما تصل كرات الدّم المحمّلة بالأكسجين على الهيموجلوبين إلى الخلايا فإنها تعطيها الأكسجين اللازم لتغذيتها وتنزع منها ثاني أكسيد الكربون الذي يُحمَل مرة أخرى على الهيموجلوبين ليسمّى في هذا الوقت “كربوكسي هيموجلوبين” وينقل ثاني أكسيد الكربون إلى الرئتين مرة أخرى ليُطرد خارج الجسم.

إعلان

يتكوّن الهيموجلوبين نفسه من 4 جزيئات من البروتين تعرف بـ “حلقات الجلوبيولين” المتصلة مع بعضها.

تحتوي كلّ حلقة من حلقات الجلوبيولين على “حديد” والذي يسمّى بـ الـ”هيم”. الـ”حديد” المرتبط بالهيموجلوبين هو المسئول عن ذلك اللون الأحمر الذي تراه في الدّم.

لماذا تظهر الأشياء بألوانٍ محددة؟

تظهر الأشياء بالألوان المحددة التي تراها، مثلًا كالسماء التي تراها زرقاء، وفقًا للطول الموجيّ الذي ينعكس إلى العين.

يمتصّ الهيموجلوبين -الهيم الموجود في الهيموجلوبين- المرتبط بالأكسجين اللونَ الأزرق والأخضر، وبالتالي فهو يعكس اللون الأحمر البرتقاليّ لأعيننا وبذلك يبدو لون الدم أحمرًا.. نظرًا لذلك، فإنّ لون الدم سيبدو أحمرًا “داكنًا” بغياب الأكسجين.

وربما كنتَ تظنّ سابقًا أنّ الأكسجين فقط هو ما يرتبط بالهيموجلوبين، ولكنّ أوّل أكسيد الكربون الذي يُعدّ غازًا مميتًا من الممكن أيضًا أن يرتبط بالهيم، برابطةٍ هي أقوى من رابطة اتحاده بالأكسجين بأكثر من 200 مرة.

وبارتباط أوّل أكسيد الكربون فإنه يسدّ الطريق على ارتباط الأكسجين بالهيموجلوبين، وهو الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى الوفاة.

ولعلك تسأل متى يمكن أن يحدث ذلك..

إذا وُجِد شخص في مكان ما -ولابدّ أن يكون المكان مغلقًا- وحدث أن اشتعلت النيران في المكان ولم يستطع الخروج لفترة طويلة فإنّ مخلّفات النيران التي يتواجد فيها بلا شكّ أوّل أكسيد الكربون ستنطلق إلى رئتيك لتُحدث ذلك الأثر، كذلك الأمر لو تسبّبت النيران في حروق في الوجه أو الرقبة تشكّ في حدوث اختناق بأوّل أكسيد الكربون.

وبسبب ارتباط أول أكسيد الكربون بالهيم، سيظلّ لون الدّم “أحمر كريزي” Cherry Red، وكما قلنا فإنه يسبّب الاختناق أو التسمّم ولكنه حتى عند وفاة المريض ربما تجده متورّد الخدّين.

إذًا اتفقنا على أنّ لون الدّم أحمر بلا شكّ، ولكن ستسألني:

كيف ذلك وأنا أرى لونه أزرقًا عبر الجلد؟

نعم، ذلك ربما يكون صحيحًا أنّك تراه أزرق اللون فى عروقك، وربما سمعت أو درست سابقًا أنّ ذلك سببه نقص الأكسجين، فعندما يصل الدّم إلى الخلايا يأخذ منها ثاني أكسيد الكربون كما أسلفنا، وبغياب الأكسجين يتحوّل اللون للون الأزرق.. ولكـن دعني أصدمك.. هذا ليس صحيحًا.

لا يكون لون الدم أزرقًا أبدًا، اللون الأزرق الذي تراه فى عروقك ما هو إلا خداع بصـري.

لا يخترق الضوءُ الأزرق الأنسجةَ كما يخترقها الضوء الأحمر، فلو كانت أوعيتك الدموية عميقة بما فيه الكفاية فإنّ عينيك سترى لونًا أزرقًا أكثر من اللون الأحمر المنعكس نتيجةً للامتصاص الجزئيّ للّون الأحمر من الدّم.

إذًا لا يوجد دم لونه أزرق في الإنسـان..

ولكن ربّما يتواجد هذا الدّم الأزرق في الحيوانات، وهو شائع في الحبّار، وفي سرطان حدوة الحصان كذلك. والذَين يتواجد فى دمهما الـ”هيموسيانين” الذي يحتوي على ذرات النحاس ويعتمد عليها فى نقل الأكسجين.

قد يعجبك أيضًا

هذا عن اللون الأزرق، ولكـن هناك أيضًا ألوان أخرى كالأخضر، والشفّاف، وكذلك الأرجواني فى حيوانات مختلفة. كلّ هذه الأنواع المختلفة من الدّم تستخدم جزيئات مختلفة لحَمل الأكسجين غير الهيموجلوبين الذي نستخدمه نحن.

وعلى الرّغم من الاستثناءات فإنّ الغالبية العظمى من الحيوانات دمُها أحمر اللون ولكـنّ اتفاقها في اللون لا يعني أنّها تتطابق تمامًا مع ما يجري خلال أوردتنا. إذ توجد أنواع مختلفة من الهيموجلوبين تتواجد فى أنواع مختلفة من الأصناف؛ والتي تسمح للعلماء بالتفريق بين عيّنات الدّم المختلفة من حيوانات مختلفة.

وعلى صعيدٍ آخر فإنّ هذا الدّم الأحمر عند حدوث نزيف دموي وسقوط هذا الدّم خارج الجسم فإنّه -بمرور الوقت- يصبح داكنًا أكثر فأكثر؛ بسبب جفافه، وبسبب تفكّك الهيموجلوبين إلى مركّب آخر يسمى بـ “ميثيمو جلوبين”.

وبمرور الوقت أكثر فإنّ هذا الدّم يستمرّ في التغيّر ويصبح داكنًا أكثر بفضل مركّب آخر يُعرف بـ “هيمي كروم”.

ربما تسأل: هل لذلك كلّه أهمية فعلية أم أنها مجرد بيانات وتفصيلات لا ترتقي إلى كونها معرفة؟

ونوضّح ذلك بأنّ هذه الألوان المتغيّرة تسمح لعلماء الطبّ الشرعيّ بتحديد الوقت الذي مضى على هذه الدماء الموجودة في مسرح الجريمة.

ويُجرى في المَعامل تطوير وسائلَ تنظر في نِسَب هذه المكونات المختلفة التي تتفكك من الهيموجلوبين؛ وعن طريق استخدام الكمبيوتر، يصبح من الممكن تحديد الوقت الذي مضى على هذا الدّم في المكان ومعرفة مدى ارتباطه بالجريمة. فلو كان عمر الدّم في المكان أكثر من سنة فإنه لن يكون مهمًا في هذه الجريمة التي حدثت بالأمس.

إعلان

مصدر المصدر المصدر المصدر
اترك تعليقا