كيف تتم صناعة المطر؟

الطرق الصناعية لإنزال الأمطار وأثرها على البيئة

هل تريد أن تعرف كيف يتم صناعة المطر ؟ إذًا تخيل نفسك داخل بالون يصعد إلى أعلى خلال الغلاف الجوي، أنت الآن داخل طبقة (التروبوسفير) أقرب طبقات الغلاف الجوي إلى سطح الأرض، تلك الطبقة التي تحدث فيها كل الظواهر الجوية المعروفة من رياح وسحب وأمطار وأعاصير وبرق ورعد وخلافه. وأنت في البالون ستلاحظ أن درجة حرارة الغلاف الجوي من حولك تقل تدريجيًا مع استمرار الصعود لأعلى.

وهذا بالضبط ما يحدث للسحب، فكلما زاد ارتفاع السحابة نقصت درجة حرارة قطرات الماء داخلها، والعكس صحيح. وعندما تكون درجة حرارة سحابة فوق الصفر المئوي يطلق عليها في هذه الحالة “السحابة الدافئة”، وبالطبع فإن السحابة التي تقل درجة الحرارة داخلها عن الصفر المئوي تُسمى ب”السحابة الباردة”.

كيف يسقط المطر الطبيعي؟

في داخل السحابة الدافئة يزداد حجم قطيرات المياه الصغيرة باستمرار من خلال اصطدامها معًا واندماجها لتكوين قطرات أكبر، وهكذا حتى تصل القطرات إلى حجم معين لا يمكنها عنده أن تستمر في الطفو داخل السحابة فتسقط إلى أسفلها ومن ثَم يبدأ هطول الأمطار على الأرض. وبالمثل في داخل السحابة الباردة يمكن لبلورات الثلج أيضًا أن تنمو إلى حجم يمكنها عنده كسر الطفو والسقوط من قاع السحابة، وعندما تمر من خلال مناطق ذات درجة حرارة أعلى من الصفر فإنها سوف تذوب وتكوّن قطرات المطر.

متى نلجأ للمطر الصناعي؟

عندما تكون قطرات الماء في السحابة صغيرة جدًا، أو لا يوجد ما يكفي من بلورات الجليد لتحفيز عملية هطول الأمطار طبيعيًا، يمكننا حينها استخدام طرق اصطناعية لخلق بلورات الجليد أو مساعدة قطرات الماء الصغيرة على النمو وبالتالي تسهيل عملية هطول الأمطار، ويُسمى المطر الناتج بتلك الطرق باسم “المطر الاصطناعي”.

كيف يتم إسقاط المطر صناعيًا؟

هناك العديد من الطرق لتكوين المطر في السحب الدافئة، من أشهرها وأكثرها استعمالا طريقة “cloud_seeding” والتي يتم فيها استخدام الطائرات لرش قطرات من المياه المالحة، أو نثر مسحوق  كلوريد الصوديوم (ملح الطعام) فوق تلك السحب، مما يسمح لقطرات الماء بالنمو إلى الحجم المطلوب وفي النهاية يسقط المطر.

إعلان

أما في حالة السحابة الباردة فإن الطريقة الأكثر شيوعًا لعمل “cloud _seeding” هي باستخدام الجليد الجاف أو يوديد الفضة، ويتم رش يوديد الفضة عن طريق الطائرات وفي بعض الأحيان يقذف إلى أعلى نحو السُحب باستخدام بعض أنواع المدافع.

 

يُستخدم الجليد الجاف نظرًا لأن درجة حرارته تصل إلى -78 درجة مئوية، وعندما يتم نثره فوق سحابة باردة تفتقر إلى بلورات الثلج فإنه يعمل سريعًا على تقليل درجة الحرارة داخل السحابة فيتحول الماء بشكل مباشر إلى بلورات من الثلج.
ومن ناحية أُخرى يتميز يوديد الفضة بقدرته الكبيرة على تكوين أنويّة البلورات الجليدية، وعند إضافته إلى سحابة ما يعمل يوديد الفضة على تسهيل عملية تجمد قطرات الماء في درجة حرارة -5 مئوية في بلورات الجليد، ومن خلال عملية نمو بلورات الجليد وفي وجود قطرات الماء يتم تشكيل المطر.

تطبيقات المطر الصناعي حول العالم: 

طبقًا للتقارير الواردة من المنظمة العالميّة للأرصاد الجوية فإن عمليات تكوين المطر الصناعي عبر طريقة “cloud_seeding”  تتم بنجاح على مدى أكثر من 42 عامًا، ويُجرى حاليًا تطبيق هذه التكنولوجيا في أكثر من 52 بلدًا، وفي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تم تنفيذ ما يقرب من 55 مشروعًا للمطر الصناعي في السنة الماضية أو يزيد، تم خلالها إنفاق أكثر من 15 مليون دولار. وفي المناطق الشمالية من الولايات المتحدة يتم استخدام طريقة “cloud_seeding” في تكوين الثلوج الاصطناعية لإسقاطها على منتجعات التزلج الكبيرة.

أما الصين فقد أنفقت ملايين الدولارات في عام 2008م على مشروع “cloud_seeding” بغرض إسقاط الأمطار الاصطناعية على العاصمة “بكين” قبل دورة الألعاب الأولمبية للحد من تلوث الهواء.

ومنذ عام 2011م وحتى الآن أنفقت الحكومة الصينيّة 150 مليون دولار على مشروعات المطر الاصطناعي ؛ لضمان سقوط حوالي 55 مليار طن من الأمطار الاصطناعية سنويًا، ومن المتوقع أن يزداد الرقم إلى حوالي 280 مليار طن في المستقبل القريب.

هل للمطر الصناعي أضرارا بيئية؟

لا ينتج عن عمليات إسقاط المطر الصناعي باستخدام طريقة “cloud_seeding” أي تأثيرات سلبية كبيرة علي البيئة حتى الآن، ورغم تخوفات البعض من أن يوديد الفضة المستخدم في تلك العمليات هو من المواد الكيميائية الخطرة وبالتالي التوسع في عمليات إنزال المطر الاصطناعي قد يؤدي إلى تراكم تلك المادة الكيميائية الخطيرة في أجسام النباتات والحيوانات وبالتالي إصابة الأفراد في المناطق التي تتعرض للمطر الصناعي بأمراض مثل فقر الدم.

لكن المطمئِن في الأمر أن القياسات التي تم إجراؤها منذ عام 1950م أكدت أن كمية يوديد الفضة المتراكمة في النباتات والحيوانات ظلت في حدود المسموح به في تلك المناطق التي شهدت تنفيذ مشروعات المطر الصناعي لفترات طويلة.

ورغم ذلك يبقى المطر الصناعي دومًا محل اهتمام أصحاب نظرية المؤامرة؛ وذلك لاعتقاد البعض أن الحكومات  قد تستغل تلك التكنولوجيا في التحكم بالطقس، وربما يجعلها قادرة على التحكم في الاحترار العالمي، وتوزيع السكان، واختبار الأسلحة العسكرية، والصحة العامة، والفيضانات.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: زكريا أحمد عبد المطلب

تدقيق لغوي: دعاء شلبي

الصورة: محمود أسامة

اترك تعليقا