هوس الكتب: الكتاب مرض وعلاج

يومًا ما، كانت القراءة تعني الحرّيّة. فهل تعلم أنّ ” توماس جونز” كان يدفع لطفلٍ آخر ستة سنتات في الأسبوع كي يعلّمه القراءة؟ أمّا “اولوداه اكويانو” بعدما تمّ خطفه وشاهَدَ سيّده وهو يقرأ الكتب، طلب من أصدقائه تعليمه القراءة والكتابة، وبعد فترة، أصبح حُرًا ونشر كتابًا يحكي فيه سيرته الذاتية. و”سيللا مارتن” الذي بدأ بهجاء الكلمات الموجودة على اللافتات.

ولكن، هل تعلم أنّ اختيارك كتابًا لقراءته يعكس توجّهك ويؤثّر عليك كثيرًا؟ فهناك من يكون مهووسًا بالكتب حتى أنّه يتعرّف على عمر الكتاب من خلال ملامسة ورقه، وهناك من يسرق الكتب دون الشّعور بالذنب! أمّا حساءُ الأوراق المغليّة، فأحدهم يشتهيه بشدّة؛ وهذا ما يُسمّى بمرض الببلومانيا. وعلى الصّعيد الآخر، فهناك شخص يعاني من مرض عصيب ويحتاج إلى سند ودعم حقيقيّ، ويتمّ ذلك من خلال البيبلوثيرابي؛ وهو استخدام الكتب للعلاج.

الببلومانيا هي حالة متطرّفة من حُبّ الكتب. تبدأ أعراض هذا المرض عند مشاهدة أيّ كتاب وينقلب الأمر إلى الرّغبة في اقتنائه. ثم يبدأ إحساس جامح في تجميع أكبر قدر من الكتب ثمّ عدة نسخ لنفس الكتاب. الببلوماني يَعتبر الكتب أحبابه وأصحابه وأهله؛ يضعها في كلّ مكان، فهو يعشق شكلها ورائحتها وصوتها ويخاف عليها خوفًا شديدًا. ومِن أشهر مَن عانى من هذا المرض، الشّاعر اليوناني “يوريبيديز” في القرن الخامس قبل الميلاد. أما “ابن الملقّن” فأصيب بالجنون عندما فقد كتبه. وأيضًا الشّاعر العالميّ “بوريس باسترناك” عانى من هذا المرض. أما “ستيفن بلومبرج” فهو من أشهر الببلومانيين، حيث قام بسرقة كتب تبلغ قيمتها خمسة ملايين دولار.

كما أنّ الكتاب قد يكون سببًا في مرض الببلومانيا فهو أيضًا يُستخدم كعلاج في بعض الحالات، وهذا ما يُسمّى بالبيبلوثيرابي؛ أي العلاج الذي يتمّ في المكتبة. فتخيّل معي شخصًا يعاني من مرض عصيب أو حالة مرضية خطيرة، ففي هذه الحالة هو يحتاج إلى سند و دعم حقيقي وإيجاد من يشاركه معاناته ليتخطى عقبات المرض. ومثالًا على ذلك كتاب “الرّحلة رقم 811″، للكاتبة هويدا حافظ، الذي قدّم قصّة فيها مساندة لمن يعاني من مرض السّرطان. وهو عن قصة حقيقية للكاتبة، بما فيها من معاناة وصبر حين تكتشف أن الطائرة التي تقلها تحمل رقم “811”، وهو نفس رقم غرفتها في المستشفى الذي قضت فيه أيّامًا طويلة للعلاج.

ومِن أشهر من استخدم الكتب كعلاج كانت أمينة مكتبةٍ تُدعى “كاتلين جونز”، التي قامت بتقديم برامج للعلاج بالقراءة في مستشفى ماكلين في ويفرلي في ماساشوستس، عام 1904م. ومنذ وقت قريب، قدّمت الباحثتان “إلا برثود” و”سوزان الدركن” من جامعة كامبردج لائحة تتضمّن قائمة طويلة من الروايات لعلاج أمراض معيّنة، فمن يعاني من أنفلونزا حادّة عليه قراءة رواية البؤساء لفكتور هوجو مثلًا.

إعلان

وأخيرًا، فكّر جيّدًا، المرّة القادمة، عند اختيارك كتابًا لقراءته؛ لأنّه سيؤثّر عليك كثيرًا.

مساهمة من نوران رضوان

 

إعلان

اترك تعليقا