“كنوت هامسون”: حياته وسياسته ورواياته

“كنوت هامسون” الأديب والروائيّ والشاعر النرويجي الذي ربما قست عليه الحياة بأن أوجدته في أسرة فقيرة، فهو لم يستطع في خلال حياته الحصول على مبتغاه (التعليم)، ولكن ربما كان بالنسبة له الحرمان من الشيء هو الحافز الأقوى للوصول إليه.
يعتبرُهُ البعضُ الأبَ للأدب الحديث؛ فقد امتدّت أعمالُه حوالي سبعين عامًا كتب خلالهم عشرين رواية، وعددًا من القصص القصيرة، ومجموعةً من القصائد، ومقالاتٍ شملت عددًا لا يُحصى من الموضوعات البيئيّة ووجهات النظر.

وسنحاول في هذا المقال الغوص أكثر في حياة كنوت همسون..

مَولَِد “كنوت هامسون” ونشأته:

وُلِدَ “كنوت هامسون” في الرابع من أغسطس عام ألفٍ وثمانِمائة وتسعةٍ وخمسين. وكان الابن الرابع لأسرةٍ فقيرة تكوّنت من سبعة أبناء، ثم انتقل مع أسرته وهو في الثالثة من عمره للحياة فوق الدائرة القطبية الشمالية، فأثّرت الطبيعة على عقلهِ وفنّه، ولكن في التاسعة من عمرهِ أُرسل هامسون للحياة مع عمِّه الذي عامَلَهُ بقسوة؛ فقد كان يضربه ويجوّعه أحيانًا، وذكر هامسون لاحقًا أنّ عصبيّته المزمنة كانت نتيجةً للطريقة التي عاملَهُ عمُّه بها.

واضطّرته قسوةُ عمِّه أيضًا إلى الهرب؛ فذهب إلى “لومي” وهناك حاول كسب عيشه بشتّى الطرق؛ فعمل صانعًا للأحذية، وحمّالًا الحجارة، ثمّ سافر إلى الولايات المتحدة واشتغل بالقطارات، فقد كان يعمل في أي مكانٍ وأي مجالٍ يوفّر له فرصةَ عملٍ من أجل كسب قوتِ يومِه، وأثناء عمله كان يستخدم قلمَه ليشغله عن شدائد العمل؛ فيحكي عن كل ما يشغل أفكاره.
إنّ حياة “هامسون” هي أقوى نصيحة ومثال يوضح لنا كيف نواجه مصاعب الحياة ونتغلب عليها.

بدايته في الأدب:

لقد كان هامسون واحدًا من أشهر الأدباء في القرن العشرين، وبدأت شهرتُه مع إصدار روايته “الجوع” عام ١٨٩٠م. حينما كان في الثلاثين من عمره، والتي أقبل عليها القُرّاءُ ثمّ تلتها الكثير من رواياته الرائعة، وقد أدّت أعمالُه إلى أن ينسِب إليه الكثيرون لقب “زعيم الثورة الرومانسية الجديدة في مطلع القرن العشرين”. وقد أُعجب القُرّاء بهامسون وكانت تتزايد أعدادُ الوافدين على قراءةِ كُتُبِه وخاصةً بعد حصوله على جائزة نوبل، ولكن سرعان ما كرهَهُ جميع النرويجيين؛ بل ليس النرويجيّون وحدهم، فلماذا؟!

إعلان

كنوت هامسون ودعمه للحزب النازي:  

في عقوده الأخيرة أدّت ميول هامسون السياسية والتي كانت منحازة لليمين المتطرف إلى كُره الكثيرين له؛ فخلال الحرب العالمية الثانية دعم هامسون الألمان في احتلالهم لبلاده، والتقى بقيادات في الحزب النازيّ التي كان من ضمنها هتلر نفسه! وكتب في عام ١٩٤٠م مقالة بعنوان “الألمان يقاتلون من أجلنا” بل وعقب هزيمة ألمانيا وانتحار هتلر نشر نعيًا وصفَه فيه بأنّه “محارب البشرية وواعظ لإنجيل العدالة لجميع الأمم“، وعقب انتهاء الحرب تحديدًا في الرابع عشر من يونيو أُلقي القبض عليه -كان حينها مُلازمًا للمَشفى لتقدم سنه- وحُوكِم بتهمة الخيانة ووُقِّعت عليه غرامةٌ مالية.

لا مجال للدّفاع عن سياسة هامسون فقد خان بلاده بل وخان الإنسانية جميعها بدعمه لهتلر، ولكن سواءً أكنّا نحبّه أم لا فمن الحماقة أن نتجاهل ما قدّمه هامسون للأدب.

 إطلالة سريعة على أشهر رواياته:

تأثّرت أعمال هامسون بحياته؛ فأدان في العديد من رواياته الحضارةَ المادية بجميع مظاهِرها، فرأى أنّها لوّثت الحياة الإنسانية. وفي روايته (الجوع يغوص هامسون في النفس والوعي البشريّ). يتحدّث عن كاتبٍ شابٍّ مغمورٍ يبحث عن عمل ولا يجد فيكسب قوتَ يومه من كتاباتِه التي تُقبَل أحيانًا وتُرفض أحيانًا أخرى، ممّا يجعله يعيش أيامًا طويلةً دون طعام، فقد كان كبرياؤه يمنعه من الحصول على أيّ طعام ٍدون جهد، ثم تأتي رواية (نموّ التربة) التي نُشرت للمرة الأولى عام ١٩١٧م -والتي يتحدث فيها عن حياة الفلّاحين في النرويج- مُجسِّدةً نفورَ هامسون من الحداثة وميله للحياة البدائية الزراعية.

وفاته:

لقد رحل هامسون عن عالمنا عام ألفٍ وتسعِمائة واثنين وخمسين. وترك لنا أعمالًا أدبيةً رائعة، والتي مازال يُقبل القُرّاء عليها.

المصادر:
nobelprize

 

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: خالد عبود

تدقيق لغوي: عبير الششتاوي

اترك تعليقا